.
وكنا نُربّي الظلالَ على حجرٍ في حديقهْ،
نُربّي الظلالَ على درجِ البيتِ، ونرمي بأحلامِنا في فراغِ النُقَطْ، كأنّا على شغفٍ بالحياةِ، ولا شيءَ يكتبُنا في هشيرِ الوداعِ سوى الموتُ في العشبِ،
كأنّا هنا نعدُّ البلادَ غيمةً غيمةً لنمطرَ فيها بقايا المدنْ.
كأنّا هنا نمكثُ في ترابٍ عجنّاهُ في راحةِ اليَدِ، ولمْ نحصدْ سوى الصهدَ وزهرةَ الحبرِ حين تنوءُ بفيئِها في فراغِ الحصير.
هنا نزرعُ الحلمَ في حجرِ الشعرِ،
ويبقى حصانُ الترابِ على ظلِهِ واقفاً بانتظارِ الصهيلِ،
لا فارسَ يُسرُجُ فيهِ قهوتَنا والهيلَ المرقَّطَ بالنارِ.
لا خيلَ تصهلُ في حصرمِ الرغبةِ،
لا سُرُجُ تبلِّلُ ظهرَ الكمانِ،
لا قمرَ يمرضُ فوقَ أكتافِنا،
لا أنينَ يسهو على حجرِ اليشبِ،
كان تراباً يُكَحّلُ أحلامَنا
كان سيفاً (ودمْ)
كان سيلاً تَحَدرَ من غامقِ الكحلِ، شهداً تَعَسًلَ في التينِ، بوابَةً لعويلِ الأراملِ، رمانةً فَرَطَتْ ضوءَها في الستائرِ، ظلاً تردّى بجودِ الرعاةِ،
بقايا سلالٍ معلّقةٍ في الداليهْ.
كان خوفاً وعكازةً عرجتْ كرحى هشّمتْها الغلالُ،
نسوقُ الليالي إلى وجْرِها، ونخلطُ بالحنطةِ كحلَنا الغامقَ،
نسرقُ من ماءِ أعينِنا غيمةً للوداعِ، ونمطرُ في آنيةِ الريبِ صكوكاً لمائدةِ الليلِ،
كنا حلَجْنا مواعيدَ زهريةً وخزامى أمامَ حبالِ الغسيلِ،
كأنّا خُلِقْنا على غفلةٍ في الحياةِ،
حلَجْنا حبالاً لنَخنقَ فيها الصهيلَ،
فمِن أيّ دربٍ تمُرُّ الطيورُ لكي تقتفي حنطةً أخذتْها الرياحُ إلى آخرِ النهرِ،
أيُّ خطوطٍ ستأخُذُها السابحاتُ على سُرُجِ الوهمِ،
نهرٌ يمشطُ أحلامَه بالهشيرِ، وبوابةٌ تتهجى العليلَ من الريحِ والذكرياتْ،
سنبقى على أُهبةِ الوقتِ نؤجِّلُ موّالَنا للبلادِ، ونبذلُ ما نستطيعُ مِنَ الحبِ، والعطرِ ليمونةٌ في المناديلِ، تفاحةٌ وسريرٌ ينامُ على دقّةِ القلبِ، بوابةٌ للعصافير والداليهْ.
…
محمد العامري .. الأردن .
منقوول