معالم حضارية بصرية ... ضريح (أبو الجوزي)
يعتبر ضريح (أبو الجوزي)، الواقع في منتصف الطريق الرابط مدينة البصرة بقضاء أبي الخصيب تقريبا.. من المعالم الحضارية الأثرية في محافظة البصرة، وتعد منطقة الضريح من المناطق المكتظة ببساتين النخيل والفواكه الغناء، والتي تتخللها شبكة انهار متفرعة من مياه شط العرب تقوم بسقي تلك البساتين، كما تعد خطوطاً ملاحية للزوارق التي تنقل الناس والبضائع والمحاصيل الزراعية إلى تلك القرى المنتشرة في تلك المناطق، إضافة إلى أنها مناطق لصيد الأسماك، هذه الطبيعة الخلابة يمكن أن تكون منطقة سياحية من الطراز الأول،، وضريح الشيخ (أبو الجوزي) يقع في وسط تلك المنطقة بين قريتي (فريج الصخر) و (كوت الضاحي)، وبالتحديد في مقاطعة (32)...
كان (أبو الجوزي) من علماء البصرة المتصوفة المعروفين في زمانه فقد ورد ذكره في الجزء الأول من موسوعة البصرة وكذلك في خطط البصرة للشيخ عبدالقادر الباش عيان، وأيضا ورد في التحفة النبهانية في تاريخ الجزية العربية للعلامة الشيخ محمد بن خليفة بن حمد النبهاني.
هذا ونشطت ظاهرة التصوف في العصور العباسية المتأخرة وزاد نشاطها بعد سقوط بغداد على أيدي المغول.. وذلك لتغطي حالة اليأس والقنوط من مباهج الحياة التي سادت المجتمع في تلك الفترة,, فقد ظهر في تلك العصور الكثير من الفرق الصوفية التي ما زال بقائها إلى يومنا هذا، كالفرقة القادرية، والنقشبندية، والفرعية... وغيرها التي إنتقلت من العراق إلى دول إسلامية أخرى.
والشيخ (أبو الجوزي) هو ليس إبن الجوزي الفقيه البغدادي المعروف وصاحب المؤلفات الكثيرة التي تزيد عن مائتي مؤلف في مواضيع مختلفة، والذي يقع ضريحه في منطقة السنك في بغداد مقابل البريد المركزي.
وأن ما يؤكد صحة كنية الشيخ محمد أبو الجوز هو ما يطلقه عليه سكان القرى القريبة من ضريحه حيث يطلقون عليه بلهجتهم المحلية (أبو اليوز أو أبو اليوزي) حيث يقلبون كعادتهم حرف الجيم إلى ياء.. ومن المعتقد أن اصل كنيته جاءت نتيجة جلب الناس للجوز معهم عند زيارة مرقده أثناء المناسبات كنوع من النذور.
وما أن تصل إلى الضريح الأثري حتى تتفاجئ بمدى بؤس منظره وشدة الإهمال الذي لحقه،، وأكداس الأزبال المحيطة به وقد تهدمت أجزاء منه وهو آيل إلى السقوط، إضافة إلى البناء العشوائي والمتجاوزين حوله، فأصبح يحتاج إلى صيانة عامة ومستعجلة لغرض إنقاذه من الزوال، علماً أن المحافظة وافقت فعلاً على إجراء أعمال الصيانة عليه إلا أنه لم يتخذ أي إجراء لحد الآن من قبل هيئة الآثار والتراث..
تصميم عمارة الضريح...
لقد تم بناء الضريح بالطابوق والجص، كما تم تبيضه بالجص من الداخل والخارج ويشمل على قبتين أحدهما تضم تحتها رفاة زوجته أو سريته، أما الثانية فتضم تحتها رفاته.. ويتم الدخول إلى الغرفتيين من باب رئيسي واحد عرضه متر ونص.. ويؤدي إلى الغرفة الأولى التي قد تهدمت قبتها وهذه الغرفة أقرب ما يكون شكلها إلى المربع وأبعادها من الداخل (6.7×6.1)متر، والتي تضم قبر زوجته أو سريته كما أسلفنا..
تبدأ مقرنصات تلك الغرفة بتحويل جدرانها الرباعية الأضلاع إلى ثمانية.. فقد تم بناء جدران ثمانية الأضلاع فوق الجدران الرباعية حيث تم تحويل الحنايا الأربع ذات الزوايا القائمة إلى مثمن، وتم تحويل أعلى ذلك المثمن إلى شكل اصطواني أقيمت عليه القبة.
أما الغرفة الثانية فيتم الدخول إليها بواسطة باب مشترك يقع في نهاية الغرفة الأولى وعرضه 80 سم يعلوه عقد مدبب من الداخل،، والغرفة الثانية التي تضم قبر الشيخ هي مربعة الشكل طول ضلعها (3.2)متر، وهي مبنية بنفس نظام الغرفة الأولى.. وتكون القبة ذات شكل بصلي ويوجد في محيطها أربعة فتحات موزعة على محيطها بشكل متساوي وفيها زخارف جصية نباتية الشكل مخرمة لإنارة الضريح وتهويته بأبعاد (40×40)سم، علماً أن بناء الضريح هو على الطراز الإسلامي العثماني، وقد تم بناءه في زمن الدولة العثمانية.
أن ما يحز بأنفسنا أن يختفي هذا المعلم التراثي الذي ينقل طراز البناء القديم إلى الأجيال القادمة، ونتمنى تعاون هيئة الآثار لصيانته مع تمويل ودعم من المحافظة.. كما إني مستعد لأضع خبرتي الطويلة في هذا المجال لإعادة ترميمه مع الحفاظ على طابعه المعماري..
رد مع اقتباس