" اليزابيث "..!!
هل تعرفون ماهو اعظم شيئ في " دوستويفسكي "..؟..اعظم شيئ في " دوستويفسكي " ان كل شيئ عظيم في " دوستويفسكي "...!!
مثلا هناك شخصيات ثانوية في رواياته في رواياتة ولكنها تترك أثرا في القارئ لايقل عن أثر شخصياته الكبرى" راسكولنيكوف " او " ايفان " او " كيريلوف "...
رغم ان هذه الشخصيات الثانوية بل الاقل من ثانوية لايتجاوز وجودها بضعة اسطر..لكنه يبقى أعظم الخالقين بعد الله....انه " دوستويفسكي " ..!!
" اليزابيث " احد تلك الشخصيات التي تركت في اعماقي اثرا كبيرا .. من سنين طويلة ولحد اليوم أحس برغبة في البكاء على " اليزابيث "..تلك المسكينة البائسة المذلة والمهانة...
" اليزابيث " هي شقيقة المرابيىة "اليونا ايفانوفنا " التي يقتلها " راسكولنيكوف " ..كانت تعيش مثل الخادمة عند اختها المرابية العجوز تقوم بكل الاعمال ولا تتلقى الا الشتائم والاهانات من اختها...ومع ذلك لم تكن تشكو ولا تتبرم حتى وكأنها تفكر ان حياتها هي هكذا وأن الامور تسير هكذا...وان حياتها تسير بشكل طبيعي..
بعد ان قام " راسكولنيكوف " بقتل المرابية " ايفانوفنا " بالساطور وتركها ممدة وذهب هو الى الغرفة المجاورة....
ولنقرء مع " دوستويفسكي " هذه الاسطر الاليمة من رائعتة المقدسة " الجريمة والعقاب "..:
".........وما هي الا برهة وجيزة حتى سمع راسكولنيكوف صرخة ضعيفة تنطلق على حين بغتة..........................فأمسك بالساطور واندفع يخرج من غرفة النوم..في وسط الغرفة كانت اليزابيث واقفة مذعورة وفي يدها سلة كبيرة..انها تنظر الى اختها الميتة مذعورة مصعوقة..كان وجهها شاحبا شحوبا شديدا..وكانت كأنها لاتملك من القوة مايمكنها من ان تصرخ..فلما رأت راسكولنيكوف أخذت ترتعش كورقة في مهب الريح وسرت في جسمها كله رعدة قصيرة متقطعة..وتقبّض وجهها بتشنجات
(( الاسطر القادمة هي من ابكتني بكاء مرا...)) :
رفعت ذراعيها..
وفتحت فمها دون ان تصرخ مع ذلك..
وأخذت تتقهقر الى الوراء بخطى بطيئة الى الوراء امام راسكولنيكوف..
محاولة ان تلطو في ركن من الاركان..
وكانت اثناء ذلك تحدق اليه وتتفرس فيه...
ولكنها ماتزال خرساء لاتنطق..كأنما انقطعت انفاسها..
هجم راسكولنيكوف عليها مسلحا بساطوره
تقلصت شفتا اليزابيث من الالم...
وكأنها طفل من اولئك الاطفال الصغار جدا اذا رأو الشيئ الذي يخيفهم..همّو ان يصرخو..
((اما في الاسطر القادمة فأقسم اني كلما قرأتها شعرت انه يتكلم عن كل الآم البشرية..عن كل بءساء العالم..
أحس ان " دوستويفسكي " هو وليس راسكولنيكوف يمسك بالساطور لقتل تلك المسكينات..ومع ذلك..ومع ذلك فأنا اشعر بالأسى على القاتل دوستويفسكي اكثر من الأسى على الضحية ..!!...القاتل دوستويفسكي يستحق الرثاء..لكن ضحيته ارتاحت من همّ الدنيا ومن غمها..))
يكمل دوستويفسكي :
"مسكينة اليزابيث..
كانت تبلغ من ضعف العقل ومن فرط ماعانته من اضطهاد في حياتها انها لم ترفع حتى ذراعها لتحمي وجهها...!!
مع ان هذه الحركة هي الحركة الطبيعية في مثل تلك اللحظة...
لأن الساطور انما كان مصوبا الى رأسها...
اكتفت اليزابيث بأن رفعت قليلا يدها اليسرى التي لاتحمل شيئا..
فمدتها ببطئ نحو راسكولنيكوف كأنما لتدفعه عنها..
هوى راسكولنيكوف عليها بحد الساطور..
فأصابت الضرية جمجمتها...
وشقت اعلى جبينها حتى النافوخ تقريبا...
سقطت اليزابيث على الارض كتلة واحدة .."
كيف يمكن لشخصية من بضعة أسطر تترك اثرا في نفسي بضعة عقود..!!؟؟
من الجحود ان تقول ان " دوستويفسكي " بشر...!!!