الكتابة المسمارية أول كتابة في بلاد الرافدين
تعد الكتابة أهم مصادر دراسة تاريخ بلاد ما بين النهرين، كما تعد أهم منجزات بلاد ما بين النهرين، لما لها من أثر بارز في حفظ التراث العالمي، ففي بلاد ما بين النهرين بدأت الكتابة وفيه تطورت ومنه انطلقت فكرت الكتابة إلى مصر ثم إلى باقي أرجاء المعمرة، بل أن الكثير من بلدان العالم القديم المجاورة لبلاد ما بين النهرين استخدمت الخط المسماري النهريني العريق.
كان للسومريين الريادة في اكتشاف الكتابة، وقد دعت حاجة المعبد في تنظيم إيراداته إلى اكتشاف الكتابة، ثم أخذ التدوين يشمل كل مناحي الحياة، إذ تراوحت النصوص السومرية المسمارية بين الوثائق الإدارية والنصوص الملكية والإنجازات الأدبية كالتراتيل والتعاويذ والابتهالات والشرائع والأساطير، ومرت الكتابة بمراحل عدة إلى أن وصلت إلى مرحلة النضج، ففي الربع الأخير من الألف الرابع قبل الميلاد أو قبل ذلك بقليل بدأت بواكير الكتابة الصورية الناضجة في مدينة الوركاء (أورك) في الناصرية، إذ عثر في الطبقة الرابعة من موقع الوركاء على كتابات على شكل صور سميت بـ(الكتابات الصورية)، ثم تلا هذا العصر الشبيه بالكتابي أو عصر فجر الكتابة، ويشغل هذا العصر المدة من3500–2800ق.م، إذ نضجت الكتابة وتحولت إلى كتابة رمزية في مرحلتها الثانية، ثم تطورت الكتابة مرة أخرى إلى الكتابة المقطعية، وعرف الخط الذي استخدمه سكان بلاد النهرين بالكتابة المسمارية، والمسمارية ترجمة للمصطلح الإنكليزي (Cuneiform) التي تعني (شكل الإسفين أو المسمار)، لأن رموز هذه الكتابة تنتهي بشكل يشبه المسامير، وهي تكتب من اليسار إلى اليمين أو من الأعلى إلى الأسفل.
وحلت رموز الكتابة المسمارية في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، إذ عثر على نص مدون بثلاث لغات هي: الفارسية القديمة والعيلامية والبابلية منقوش في جبل يهستون قرب كرمنشاه، وعن طريق ترجمة النص الفارسي تمكن الآثاريون من ترجمة النص البابلي وبالتالي التعرف على الرموز المسمارية وقراءتها، وتعد شريعة حمورابي التي كتبت على مسلته الشهيرة من أهم المدونات التي دونت بالخط المسماري.