أفعال المُشاركة تُسنَدُ إلى جَمعٍ
القاعدةُ أنّ كلَّ فعلٍ يصدرُ عن أكثر من اثنيْن لا يُسنَد إلا إلى اللفظ الذي يدلُّ على جَماعةٍ، تَكسيراً أو سلامةً، فلا يَستقيمُ أن يُسنَدُ فعلُ المشارَكَة الذي يأتي على وزن تفاعَلَ مثل تَساءَلَ، أو على وَزن افتعَلَ مثل اقتتل، إلى الفاعلِ المُفرَدِ؛ فلا يُتصوَّرُ أن نقولَ: تساءَلَ زيدٌ عن النتيجة…
قد يُقبَلُ مَجازاً أن نقولَ: سألَ زيدٌ نفسَه أو ساءَلَ نفسَه… ولكنّ القاعدةَ الدّلاليّة المبنيّةَ على ما في الفعل وأركانه من سماتِ المَعْنى لا تُجيزُ ذلكَ، وهذا ما يشهدُ به فصيحُ الكَلام، قال تعالى: « عَمَّ يَتَساءَلونَ. عَن النبإ العَظيم الذي هُمْ فيهِ مُخْتَلِفُونَ»، وقوله تعالى: «وإنْ طَائفَتَانِ مِنَ المُؤمِنينَ اقْتَتَلُوا فأصْلِحُوا بَيْنَهُمَا»
ولا اعتدادَ باعتراض مَن يعترضُ على هذا القولِ، بأنّ لسانَ العرب أوسَعُ من أن يُحاطَ به، وأنّ مواكبةَ العصر تقتضي توسيعَ قاعدةَ الاستعمالِ مَجازاً والتّوسُّعَ في وُجوهِ القولِ والترخُّصَ فيها؛ فإنّ تلكَ الدّعوى تُكثّرُ سَوادَ الأخطاءِ، والألفاظَ غيرَ المَقيسَةِ وتُهملُ الألفاظَ المسموعَةَ والمَقيسَة.