نفحات من الماضي
————————
تُؤرِقُني الذكريات
بل تسحقُني
فالشّوقُ مَوصولٌ
لِعتبةِ البابِ
والأزقّةِ القديمةِ
واطفالُ القريةِ
كانوا يلعبون بِكُلِّ بَراءةٍ
أشتاقُ إلى أسرابِ السنونوات
وأعشاشِها على سُقوفِ المنازلِ
وجلساتِ الشّيابِ
أولئك الذين كانوا يدخنون
السّجائِرَ اللّف مِن تَبغِ (كَرسي)
ويلعَبونَ (الكشْ والدامْ)
ويَستمِعونَ لأغاني
المرحوم (خدر فقير)
وأسمَعُ صوتَ جَرسِ المرياع
حيث الراعي يَعودُ بأغنامِهِ
مازالت رائحةُ خُبزِ التَنورِ في أنفي
مازلت أتذكرُ
فُطورَ الصّباحِ
حيث لبن الأغنام
و تينُ شنكال
والشاي الذي خدّر على فحمِ الحَطَب
أتذكرُ تلك البيوتَ الطينية العتيقة
ودبكات الأعراسِ في القريةِ
كانت الحياةُ حلوةً ببساطتِها
كانَ الحُبُّ طاهراً
كانَ العشقُ حقيقياً
وحين دَخَلَتِ السياسةُ في قريتِنا
افسدتْ كلَّ شيءٍ
وأصبَحتِ الحياةُ غايةً في التعقيدِ
وأصبَحنا مُشردينَ
ضائعينَ
هاربينَ من ظلمِ الحياةِ
واسْتَسلَمنا لمَركَبِ الاحزانِ
في بَحرِ الثّقافةِ العَمياء!