إنّ الاكتئاب هو مرض صحي خطير يشمل الدّماغ؛ وهو أكثر من مجرد الشعور بالشدّة النفسية لبضعة أيام. فإذا أصيب الإنسان بأحاسيس تشبهه ما يُحسّه ملايين البشر المصابين بالاكتئاب فإنّ هذه الأحاسيس لن تزول من تلقاء نفسها بل ستدوم وتعرقل سير الحياة اليومية للشخص المُصاب بالاكتئاب. يُمكن أن تتضمن أعراض هذا المرض:
• الشعور بالحزن
• فقدان المريض اهتمامه بالأنشطة التي اعتاد الاستمتاع بها وعدم شعوره بالسرور عند ممارستها
• تغير في الوزن
• صعوبات في النوم أو الاستيقاظ
• هبوط في الطاقة
• الإحساس بعدم القيمة
• أفكار حول الموت والانتحار
يُمكن أن يكون الاكتئاب وراثياً داخل الأسرة، وعادة ما يبدأ بين الخامسة عشرة والثلاثين من العمر. وهو محتمل الظهور عند النساء أكثر من الرجال. يمكن للمرأة أيضاً أن تُصاب باكتئاب ما بعد الولادة بعد أن تضع وليدها، كما يصاب بعض الناس باضطرابات فصلية نشطة أثناء فصل الشتاء. يُعتبر الاكتئاب واحداً من فروع مرض الاضطراب ثنائي القطب.
هناك علاجات فعالة للاكتئاب/ من بينها: مُضادّات الاكتئاب وجلسات العلاج النفسي. إن أفضل علاج يتلقاه المريض هو استخدام العلاجين معاً.
مقدمة
الاكتئاب حالة شائعة تصيب ملايين الناس كل سنة.
يؤثر الاكتئاب على معظم جوانب الحياة اليومية، فهو يؤثر على نظام الأكل والنوم، وعلى شعور المريض بقيمته الذاتية، وعلى نظرته إلى الحياة. كما أن الاكتئاب يؤثر أيضاً على الناس الذين يحبون الشخص المصاب بالاكتئاب، ويهتمون بأمره.
ثمة سبل كثيرة لمعالجة الاكتئاب، ومن المهم أن نساعد الناس الذين يعانون من الاكتئاب لأن عواقب عدم تقديم المساعدة يمكن أن تكون مفزعة.
يساعد هذا البرنامج التعليمي الإنسان على فهم الاكتئاب ويرشده إلى كيفية مساعدة نفسه ومساعدة الأشخاص الذين يحبهم إذا أصيبوا بالاكتئاب،
الاكتئاب
إن رد الفعل العادي على الأوضاع المسببة للتوتر النفسي وللحزن هو أن يشعر المرء بالحزن والكآبة. ومن الحالات التي يمكن أن تسبب الحزن أو الكآبة للإنسان:
- فقدان الشخص لمن يحب
- الإصابة بالمرض
- فقدان العمل
- المشاكل المالية
يتمكن معظم الناس من التغلب على شعورهم بالحزن ومن تجاوز حالة الحزن بطريقة بناءة. ولكن بعض الناس لا يتمكنون من تجاوز هذه الحالة فتسود عندهم مشاعر الحزن؛ وهذه من علامات الاكتئاب،
إن الاكتئاب مرض بالفعل. ويمكن للأطباء أن يميزوا عدة أنواع من الاكتئاب، وبعض هذه الأنواع أكثر شدة من غيرها. كما أن علاج الاكتئاب متوفر، وهو ناجح عادة. وكلما اكتشف الطبيب والمريض حالة الاكتئاب وعولجت في وقت أبكر كانت فرص الشفاء أكبر.
أعراض الاكتئاب
يتحول الحزن إلى اكتئاب حين يتواصل الشعور بالحزن طوال الوقت، وحين يبدأ تأثير الشعور بالحزن على الحياة العائلية للشخص وعلى عمله. وفيما يلي بعض أعراض الاكتئاب، لكن هذه الأعراض لا تظهر كلها بالضرورة على كل من يصاب بالاكتئاب:
- قلة أو انعدام الاهتمام بالأنشطة والهوايات التي يستمتع بها المصاب عادة.
- زيادة ساعات النوم أو الصعوبة في النوم.
- قلة أو انعدام الاهتمام بالحياة الزوجية أو بممارسة الجنس مع الزوج أو الزوجة.
- شعور الشخص بانعدام قيمته وباليأس مع لوم النفس على كل شيء.
- الخجل من العائلة والأصدقاء، والشعور بالعار من الشعور بالاكتئاب.
- عدم الاهتمام بالنظافة الشخصية وعدم الاستحمام أو العناية بالمظهر.
وقد يصبح الشعور بالحزن وانعدام القيمة واليأس قوياً إلى حد يجعل مريض الاكتئاب يفكر في الانتحار.
إن الانتحار ومحاولة الانتحار من العواقب المأساوية للاكتئاب. وينبغي على المريض إذا شعر بأنه يود إنهاء حياته أن يستشير الطبيب فوراً.
وينبغي على من يعرف شخصاً عزيزاً عليه يفكر في الانتحار أن يتصل بالطبيب فوراً. ويصح الأمر نفسه على الشخص الذي يتحدث عن اعتزامه إلحاق الأذى بالآخرين، ولاسيما بالأشخاص الذين يلقي مسؤولية مشاكله عليهم.
إن معالجة الاكتئاب متوافرة، وهي ناجحة عادة.
قد يظن أفراد العائلة أن تجاهل الاكتئاب يؤدي إلى زواله من تلقاء نفسه. ولكن الاكتئاب قد يشوش القدرات العقلية الطبيعية لدى المريض كالقدرة علة الحكم على الأشياء، فيكون على أفراد العائلة والأصدقاء أن يتخذوا الخطوة الأولى نحو العلاج.
أسباب الاكتئاب
هناك مزيج من العوامل البيئية والنفسية والوراثية التي يمكن أن تسبب الاكتئاب، كما أن حالات الاكتئاب الشديد غالباً ما تترافق مع تغيرات في الدماغ.
الدماغ يسيطر على كل أنشطة الإنسان. وهو يسيطر على طريقة تحريك الجسد وعلى طريقة التكلم والفهم، كما يسيطر على المشاعر والعواطف.
تتصل خلايا الدماغ، التي تعرف باسم النورونات أو العصبونات، ببعضها باستخدام مركبات كيماوية خاصة تدعى "النواقل العصبية".
يعاني مرضى الاكتئاب من الاضطراب في عمل النواقل العصبية. وبما أن الدماغ يسيطر على الجسم كله فقد يشعر مرضى الاكتئاب بصداع وآلام لا يمكن ربطها بأي مشكلة أخرى.
عادة ما يبدأ الاكتئاب بعد مشكلة شخصية معروفة،غير أن بعض الناس يصابون بالاكتئاب دون وجود سبب محرّض معروف.
يميل الاكتئاب إلى الشيوع في بعض العائلات، فهو مرض وراثي غالباً. فقد يكون الشخص معرضاً للاكتئاب إذا كان آباء أو أجداد ذلك الشخص مصابين بالاكتئاب،.
إن تعاطي الكحول والمخدرات يمكن أن يؤدي إلى الاكتئاب نظراً إلى أن الكحول والمخدرات تؤثر على النواقل العصبية في الدماغ. وللشفاء من الاكتئاب، من الضروري أن يتجنب المريض الكحول والمخدرات.
وقد تؤدي بعض الأدوية، ولاسيما الأدوية الخافضة لضغط الدم، إلى اضطراب كيماوي في الدماغ وإلى اكتئاب. وفي هذه الحالة قد يكون وقف تناول هذه الأدوية كافياً لمعالجة الاكتئاب، ولكن ينبغي على المريض عدم التوقف عن تناول أي دواء دون استشارة طبيبه أولاً.
والطبيب وحده هو الذي يستطيع تشخيص الاكتئاب، ويتضمن التشخيص فحص المريض فحصاً فيزيائياً، وأخذ قصة مرضية كاملة عن الأعراض، وإجراء اختبار للحالة الذهنية عنده.
تشخيص الاكتئاب
من الضروري الحصول على قصة طبية واجتماعية شاملة. يلي ذلك الفحص الجسماني لاستبعاد الأمراض الأخرى التي يمكن أن يكون لها أعراض شبيهة بالاكتئاب.
يمكن إجراء اختبارات دموية وصور للدماغ للتأكد من أن الأعراض غير ناجمة عن أمراض أخرى. إن القصة المرضية والفحص الجسماني يوجهان الطبيب عادة إلى إجراء المزيد من الاختبارات.
علاج الاكتئاب
لحسن الحظ، يستطيع الطب النفسي الحديث معالجة الاكتئاب بنجاح. ويعتمد اختيار نوع المعالجة على التشخيص.
قد لا تستدعي الأشكال الخفيفة من الاكتئاب استخدام أي أدوية، إذ تكفي معها المعالجة النفسية. أما الحالات المتقدمة المترافقة بأفكار الانتحار، فقد تستوجب دخول المستشفى واستخدام المعالجة الدوائية.
يمكن أن تكون الاستشارة النفسية والمعالجة النفسية كبيرة الفائدة في معالجة الحالات الخفيفة من الاكتئاب، وهي ضرورية أيضاً إلى جانب المعالجة الدوائية في معالجة الحالات المتقدمة.
إن الأدوية التي تصلح اختلال التوازن في النواقل العصبية متوافرة الآن. ومن المهم جداً تناول هذه الأدوية بانتظام.
قد يستغرق العلاج عدة أسابيع قبل أن تظهر نتائج الأدوية. لذلك من الضروري أن يواظب المريض على تناولها وألا يقع في اليأس إذا لم يحصل على نتائج سريعة.
معظم الأدوية المضادة للاكتئاب لا تسبب الإدمان. ولكن يجب عدم التوقف عن تناولها إلا بمشورة الطبيب.
قد ينجم عن تناول مضادات الاكتئاب آثار جانبية هي:
- جفاف الفم
- الشعور بالنعاس
- صعوبة البدء بالتبول
- مشاكل جنسية
وينبغي على من كان يتناول مضادات الاكتئاب ولاحظ ظهور آثار جانبية أن يخبر الطبيب الذي يمكن أن يقوم بتغيير الجرعة، وأن لا يتوقف عن تناول الدواء من تلقاء نفسك.
ينبغي تجنب تناول معظم مضادات الاكتئاب مع الكحول والمخدرات، لذلك من المهم جداً تجنب الكحول أو المخدرات.
أحياناً تساعد المشورة المرضى على فهم وقبول السبب الأولي لاكتئابهم.
يعتبر تحريض العصب المبهم إحدى طرق معالجة الاكتئاب الشديد. إن العصب المبهم يخرج من الدماغ إلى القلب والصدر والبطن. وقد يفيد تحريض هذا العصب بتيار منخفض في علاج بعض حالات الاكتئاب الشديد.
يجري الطبيب عملية جراحية لغرس مسرى كهربائي حول العصب المبهم عند مروره في الرقبة. يوصل المسرى إلى بطارية توضع تحت الجلد في منطقة أعلى الصدر.
إن المعالجة بالتخليج الكهربائي أو (إي سي تي) تفيد عند المرضى المصابين باكتئاب شديد ممن يستجيبون استجابة بطيئة للعلاج بالأدوية. تساعد المعالجة بالتخليج الكهربائي على استعادة توازن النواقل العصبية من خلال إحداث نوبات صرع قصيرة في الدماغ (حوالي 30 ثانية).
تتم المعالجة بالتخليج الكهربائي تحت التخدير العام والإرخاء العضلي. لا يصيب المرضى أثناء هذا العلاج اختلاجاً شديداً كما نرى في بعض الأفلام. كما أن المرضى لا يشعرون بأي ألم أو انزعاج أثناء المعالجة بالتخليج الكهربائي. ويحتاج الأمر عادة إلى عدة جلسات من المعالجة بالتخليج الكهربائي.
ومع بدء تحسن حالة مريض الاكتئاب يصبح قادراً على القيام بتغييرات صحية تستطيع أن تخفف الشدة النفسية وأن تحافظ على نظرة أكثر توازناً للحياة.
إن التمارين المنتظمة والغذاء الصحي والعلاقات المستقرة تساعد كثيراً على تخفيف الشدة النفسية وعلى تقليل فرصة الشعور بالاكتئاب مرة ثانية.
خلاصة
الاكتئاب حالة طبية شائعة ولا داعي للخجل منها.
يوجد علاج فعال للاكتئاب. فالأدوية والنصح هما أهم عنصرين في معالجة الاكتئاب .
من الضروري أن يبدأ علاج الاكتئاب فور تشخيصه. إذ يمكن لمريض الاكتئاب، إذا عولج مبكراً، أن يستعيد نمط حياة أكثر سعادة وأن يستعيد نظرة أكثر توازناً للحياة.
المصدر
العربيه للمحتوى الصحي