مَن كانَ سَيعْلَمُ أنَّ “الحُساميّةَ الكَبْداءَ” تَعْني اسماً وصفةً لفَرس حُمَيْد بن حريث بن بَحْدَل الكَلبيّ، في قول شُبَيْلِ بْنِ الجِنِبّار :
نَجَّى الحُساميَّةَ الكَبْداءَ مُبتَرِكٌ *** مِنْ جَرْيِها وَحَثيثُ الشّدِّ مَذْعُورُ
والكَبْداءُ صفةٌ من صفاتها، وهي الضَّخمَةُ البَطنِ مِن أعلاه، والمُبترِكُ المُلحُّ المُجتهدُ، وابْتَرَكَ في العَدْوِ أسرعَ وجدَّ فيه، والحَثيثُ السَّريعُ، والشَّدُّ العَدْوُ، وكانَ حُمَيدٌ إذا رَكب فَرَسَهَ الحُساميّةَ لم يُدرَكْ، وقَد نَجا حُمَيْد من قَتل مُحقَّق عندَما تبعَه طالِبوهُ فلَم يُدركوهُ، ويُضربُ المَثَلُ في العَدْو بالحُساميّة الكَبْداءِ… والقصّةُ طَويلةٌ في الأغاني
ويتبيّنُ من ذلك أنّ فهم الشعر وتَحليلَه لا يتيسَّرُ إلاّ بمعرفة هذا السياقِ التّاريخيّ الدَّقيق المُفصَّل الذي يفسِّرُ الأساميَ المذكورةَ في البيتِ وبَواعثَ قَول الشعر وما في القَصيدةِ كلِّها من فَوائدَ تاريخيّة واجتماعيّة وتداوليَّةٍ.
والخُلاصةُ أنّ فهم النّصّ البليغِ الفَصيحِ لا يَقومُ إلاّ بالرّجوع إلى كتُب التّراجم والأسامي والمَعاجمِ وغيرِها، حتّى لا يظلَّ الشعرُ قَوالبَ لغويّةً فارغةً