مصطلحات النصية العروضية بين القدامة والحداثة
مقياس قيمة كل علم دوام تطوره؛ فإذا خُيِّل لأهله أنه اكتمل جفَّ وذوى وسقط من شجرة الحضارة، وإذا بقي يتطلع إلى إجابةِ أسئلةٍ وسؤالِ غيرِها ازدهر وتألق وسمق إلى ذروة شجرة الحضارة! وهو كلما مضى في هذه السبيل ظهرت له ظواهر وتعددت من تحتها مظاهر لم تخطر له من قبل ببال، وجعل في رؤيتها وتحليلها وفهمها يتلمَّس وجه التعبير الصحيح عنها؛ فمرة يجد في طوايا تراثه ما يكفيه، ومرة يجد ما يمكن إذا عالجه قليلا أن يكفيه، ومرة يفتقد ذلك فيضعه وضعا أوليا وصفيًّا، ثم لا يلبث إذا ما عالجه أن يتثقَّف ويستقر.
ولقد ينبغي ألا نُخلي أيا من تلك المحاولات من فضيلة التوليد؛ فليس من فتَّش في طوايا تراثه حتى اكتشف ما يكفيه بأقلَّ فضيلةَ توليدٍ ممن افتقده فوضعه، ولا من عالج ما وجده في طوايا تراثه حتى اكتفى به بأقلَّ فضيلةَ توليدٍ كذلك ممن عالج ما وضعه غيره حتى تثقف واستقر؛ فلا غنى بحاضر العلم إذن عن أي من هؤلاء الأربعة:
1 مكتشف المصطلح القديم.
2 معالج المصطلح القديم.
3 واضع المصطلح الحديث.
4 معالج المصطلح الحديث.
ونَظَرِيَّةُ النَّصِّيَّةِ الْعَرُوضِيَّةِ وَتَطْبِيقَاتُهَا وهي غير منقطعة من تراث علم عروض الشعر العربي الأصيل، ميدانٌ حديث فسيح من شاء اختبر فيه ذلك فتقدم شوطا بتأمل النِّتاج المصطلحي وتحليله ونقده، تتنازعه منازع القدامة والحداثة المختلفة، التي ينبغي أن تأتلف على ما يطور العلم فيُحييه.