Sun, Jan 6, 2013
اللجان التنسيقية الشعبية مفاجأة عراقية واسعة
موجة جماهيرية تطرح نفسها بديلاً عن الأحزاب السياسية
التظاهرات العراقية المناوئة للمالكي تتمدد إلى بغداد
البيان
يستغرب كثيرون من الكيفية التي انطلقت بها «الانتفاضة» العراقية وتطورها وتنظيمها بالشكل المثير الذي غطى على الأحزاب والكتل السياسية كافة، بحيث برزت، في أيام قليلة قوة جماهيرية تكاد تكون الأكبر قياساً بالكتل الموجودة في الساحة السياسية، والتي بات كبار قادتها يتمنون اللقاء مع «اللجان التنسيقية» الشعبية، على الرغم من أنها لم تكن معروفة حتى أسابيع قليلة. وإلى الآن، لا يعرف الساسة أشخاص هذه اللجان وتسلسلها التنظيمي، والسبب وراء امتدادها السريع، وخصوصاً في محافظات غرب ووسط وشمال العراق، وربما في الجنوب أيضاً.
ويرى مراقبون أن هذه «الموجة الجماهيرية» كانت موجودة منذ زمن ليس قصيراً، ومهيأة لمن يبرز لقيادتها بعد فشل الكيانات السياسية في تحقيق أي شيء وانجرارها في العملية السياسية البائسة بدل العمل على تصحيحها وتقويمها.
بمعنى أن جماهير «الموجة الجديدة» هم أنفسهم جماهير الكتل السياسية التي خذلتهم، ويضاف إليهم آلاف كثيرة من الشباب الذين أنهكتهم السنوات العشر العجاف.
وبحسب متابعين للشأن العراقي، فإن الانتفاضة «كانت مهيأة تقريباً، ولكن ليس في هذا التوقيت، وإنما في فترة لاحقة، ريثما يتم استكمال التنسيق والتنظيم وتقديم الوجوه القيادية التي تستطيع لم شمل الذين خذلهم السياسيون».
جس نبض
ولم يستبعد متابعون أن يكون رئيس الوزراء نوري المالكي شعر بهذه التحركات، على الأقل من خلال أجهزة الاستخبارات الإيرانية أو أخرى في دول إقليمية كانت تراقب عن كثب تحركات ساسة معارضين لحكومة المالكي، حيث طرح على هؤلاء، من خلال مندوبين، مناصب سيادية كممثلين للعرب السنة، مثل رئيس هيئة علماء المسلمين حارث الضاري بعد فشل السياسيين المتحالفين معه في تكوين «مرجعية سنية».
وإذ لم يجد استجابة من احد، استعجل المالكي الأمور بإثارة «غزوة» وزارة المالية واعتقال حمايات وزير المالية رافع العيساوي ليجس نبض المقابل «المجهول» وليصنع قضية مشابهة لقضية نائب الرئيس طارق الهاشمي، وهذا ما دعا إلى التعجل في إطلاق «الانتفاضة» قبل نضجها.
وفيما تؤكد الأطراف السياسية أن العيساوي يعد من الشخصيات التي فضلت توجيه أية انتقادات للمالكي، إلا أن هناك سوابق في ملفات رئيس الوزراء العراقي تجاهه، حيث كان من المعترضين على توليه وزارة المالية، ويأخذ عليه مواقفه في معارك الفلوجة العام 2004 عندما كان مديرا لمستشفى المدينة، حيث ظهر في لقطات مصورة وهو يطلب المساعدة بالإمدادات الطبية. كما ابلغ المالكي رئيس قائمة العراقية اياد علاوي أن العيساوي ينتمي إلى تنظيم «حماس العراق » المسلح التابع للحزب الإسلامي، والذي كان من ضمن « كتائب ثورة العشرين »، التي يقال ان مرشدها هو الضاري نفسه.
ومن هنا، كان استهداف العيساوي بمثابة «جس نبض» للتعرف على قيادات التوجه الجديد. ولم يعرف إلى الآن إن كان من ضمن تلك القيادات أم لا، لأنه لم يظهر في الحراك الشعبي، إلا عندما قابل المفتي عبد الملك السعدي وأعلن أمامه تأييده لمطالب المتظاهرين. وأشاد المالكي بالسعدي وجهوده في كبح التطرف في بعض شعارات المحتجين ونزع الصفة الطائفية عن موجة الاحتجاجات، رغم من علم الأول بالعلاقة التي تربط السعدي بالضاري، حيث يعد السعدي المرشد الأعلى لأهل السنة في العراق، رغم اعتذاره عن تولي منصب مفتي الديار العراقية العام 2007.
مؤشرات وتنسيقيات
ويلاحظ مراقبون تأكيد تنسيقية الاعتصامات، المكونة من 25 قيادياً، على إبعاد الأحزاب السياسية عن الحراك الشعبي والقبول بمن يرغبون المشاركة كأفراد، ما يفسر إنزالهم الشعارات التي حملت اسم «الحزب الإسلامي» ورفضهم إلقاء نائب رئيس الوزراء صالح المطلك كلمة، رغم أنها المحافظة التي انتخبته، وهو مؤشر إلى تراجع دور القادة السياسيين لمصلحة الجماهير. وفيما كان عناصر حرس المطلك يحاولون حمايته من المتظاهرين الذين رفضوا اعتلاءه المنصة لمخاطبتهم، كان المتظاهرون يهتفون باسم الشيخ السعدي.
شعارات ومذهبية
ومع إبعاد الأطراف السياسية، تثير الانتباه سرعة تبادل المعلومات وتنسيق الشعارات في المحافظات المنتفضة، وهو مؤشر تنظيمي قد تكون هيئة علماء المسلمين طرفاً رئيسياً فيه بحكم علاقاتها مع معظم أئمة وخطباء الجوامع، إلا أن أي ذكر للهيئة لم يرد في أي من المفردات أو التفاصيل.
غير أن الضرورة اقتضت كشف دور السعدي، عندما أدى التعجل بالانتفاضة إلى رفع بعض الشعارات غير المناسبة ومحاولات بعض السياسيين استغلال التظاهرات لصالحهم، ما أدى إلى تأكيد تأييده للجنة الـ25 التنسيقية، باعتبارها «الطرف الممثل للمتظاهرين، ولا احد غيرها من البرلمانيين أو السياسيين».
ويرى مراقبون أن أخطر ما يواجهه المالكي هو سعي الشيخ السعدي إلى نزع الطابع المذهبي للانتفاضة السنية، إذ أكدت مصادر مقرّبة من تنسيقية معتصمي الأنبار أن الأخير أبدى امتعاضه واستياءه الشديدين من رافعي الشعارات الطائفية. ويبقى التساؤل قائماً لدى قادة الكتل السياسية عن هذه الجهة التي استطاعت اختراقهم، إلى حد سحب البساط من مجلس النواب ككل، إذ لا يوجد من يمثل المتظاهرين غير المتظاهرين أنفسهم ولجانهم التنسيقية في المخيمات.
دعوة
دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أمس المتظاهرين إلى استنكار خطاب الأمين العام لحزب البعث المحظور عزة الدوري، معتبراً خطابه في هذا الوقت يراد منه «جر البلاد إلى فتنة طائفية».
وقال الصدر في بيان: «أنصح المتظاهرين أن يستنكروا خطاب الدوري، لتقريب وجهات النظر ولإطفاء الفتنة، لكي تكون التظاهرات عراقية لا طائفية ولا بعثية».