قصة سورة المجادلة
تفسير آية الظِهار
*
عَنْ الْإِمَامِ الْبَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ :
إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ :
إِنَّ امْرَأَةً مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فَقَالَتْ : يَا رَسُولُ اللَّهِ ، إِنَّ فُلَاناً زَوْجِي قَدْ نَثَرْتُ لَهُ بَطْنِي وَأَعَنْتُهُ عَلَى دُنْيَاهُ وَآخِرَتِهِ فَلَمْ يَرَ مِنِّي مَكْرُوهاً وَأَنَا أَشْكُوهُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِلَيْكَ .
قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : مِمَّا تَشْتَكِينَهُ ؟
قَالَتْ : إِنَّهُ قَالَ لِيَ الْيَوْمَ (أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَظَهْرِ أُمِّي) ،
وَقَدْ أَخْرَجَنِي مِنْ مَنْزِلِي فَانْظُرْ فِي أَمْرِي .
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) :
مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيَّ كِتَاباً أَقْضِي بِهِ بَيْنَكِ وَبَيْنَ زَوْجِكِ ،
وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ .
فَجَعَلَتْ تَبْكِي وَتَشْتَكِي مَا بِهَا إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ وَانْصَرَفَتْ .
فَسَمِعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مُحَاوَرَتَهَا لِرَسُولِهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فِي زَوْجِهَا وَمَا شَكَتْ إِلَيْهِ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِذَلِكَ قُرْآناً : ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ * الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ *﴾ .
فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) إِلَى الْمَرْأَةِ فَأَتَتْهُ فَقَالَ لَهَا :
جِيئِينِي بِزَوْجِكِ فَأَتَتْهُ بِهِ فَقَالَ لَهُ :
أَقُلْتَ لِامْرَأَتِكَ هَذِهِ : (أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَظَهْرِ أُمِّي) !
قَالَ قَدْ قُلْتُ لَهَا ذَلِكَ .
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيكَ وَفِي امْرَأَتِكَ قُرْآناً فَقَرَأَ عَلَيْهِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ قَوْلِهِ ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها إِلَى قَوْلِهِ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ﴾ . فَضُمَّ امْرَأَتَكَ إِلَيْكَ ، فَإِنَّكَ قَدْ قُلْتَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً ، قَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْكَ وَغَفَرَ لَكَ فَلَا تَعُدْ !
فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ وَهُوَ نَادِمٌ عَلَى مَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ .
وَكَرِهَ اللَّهُ ذَلِكَ لِلْمُؤْمِنِينَ بَعْدُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : ﴿وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا﴾ يَعْنِي لِمَا قَالَ الرَّجُلُ الْأَوَّلُ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَظَهْرِ أُمِّي . فَمَنْ قَالَهَا بَعْدَ مَا عَفَا اللَّهُ وَغَفَرَ لِلرَّجُلِ [الْأَوَّلِ] فَإِنَّ عَلَيْهِ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا يَعْنِي مُجَامَعَتَهَا ، ذلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ . فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً . فَجَعَلَ اللَّهُ عُقُوبَةَ مَنْ ظَاهَرَ بَعْدَ النَّهْيِ هَذَا وَقَالَ ﴿ذلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ﴾ ، فَجَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَذَا حَدَّ الظِّهَارِ .
ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (الْإِمَامِ الْبَاقِرِ عَلَيْهِ السَّلَامُ) :
وَلَا يَكُونُ ظِهَارٌ فِي يَمِينٍ وَلَا فِي إِضْرَارٍ وَلَا فِي غَضَبٍ ،
وَلَا يَكُونُ ظِهَارٌ إِلَّا عَلَى طُهْرٍ بِغَيْرِ جِمَاعٍ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ مُسْلِمَيْنِ .
*
المصدر : (الوسائل : ج22، ص304. عن الكافي : ج6، ص152.)