جوجل تدرب الرقاقات على أن تصمم نفسها !



من أكبر التحديات التي تواجه مهندسي الحواسيب كيفية رص الرقاقات وأسلاكها بطريقة أكثر تنظيمًا مع المحافظة في نفس الوقت على قدرتها وسرعتها واستهلاكها المثالي للطاقة.
تحوي تلك التركيبة آلاف المكونات التي تتصل مع بعضها دون أخطاء، على قطعة يعادل حجمها ظفر الإصبع.
تُعرف تلك العملية بتخطيط أرضية الرقاقة، وتماثل عمل مهندسي الديكور عند التخطيط لشكل الغرفة. باستخدام الدوائر الرقمية وبدل المخططات ذات الطابق الواحد، يجب أن يعتمد المصممون على مخططات متكاملة ذات طوابق متعددة، وأشارت إحدى المنشورات التقنية الحديثة أن تخطيط أرضية الرقاقة يشبه لعبة “تتريس” الشهيرة لكن بأبعاد ثلاثية.
تستهلك تلك العملية الكثير من الوقت، ودون التطوير المستمر لمكونات الرقاقة، فإن التصميمات النهائية التي بُذل فيها الكثير من الجهد قد تصبح قديمة خلال فترة زمنية قصيرة. تُصمم الرقاقات بشكل عام لتستمر ما بين عامين إلى خمسة أعوام، ولكن هناك ضغط مستمر لتقليل الوقت اللازم بين التحديثات.


حقق باحثو جوجل قفزة هائلة في التصميمات الخاصة بتخطيط الرقاقات. فقد أعلنت كبيرتا مهندسي أبحاث جوجل أنا جولدي وأزاليا ميرهوسيني في بيان جديد أنهم صمموا خوارزمية «تتعلم» كيفية تحقيق أفضل وضعية للدوائر، ويمكنها القيام بذلك في وقت أقل بكثير من الوقت المطلوب حاليًا لنفس التصميم، إذ تُحلَل ملايين الاحتمالات بدلًا عن الآلاف فقط. نستطيع بتلك التقنيات الجديدة الحصول على رقاقات تستفيد من التحديثات الجديدة أسرع وبتكلفة أقل وحجم أصغر.
طبقت جولدي وميرهوسيني مفهوم التعليم المعزز على الخوارزمية الجديدة، يولد النظام «الثواب» و «العقاب» لكل تصميم محتمل حتى تصل الخوارزمية لأفضل الحلول.
لتلك الفكرة المتعلقة بالتعليم المعزز جذور في المدرسة السلوكية في علم النفس، إذ افترض مؤسسها جون واتسون، أن كافة الحيوانات -ومنها البشر- تعتبر بشكل أساسي ماكينات معقدة تعلمت عن طريق الاستجابة لردود الفعل الإيجابية والسلبية. لو كان واتسون حيًا لتفاجأ باستخدام المبادئ التي أفصح عنها لأول مرة عام 1913 في الأجهزة الذكية أيضًا.
ذكر باحثو جوجل بعد بحث مطول، أنهم وجدوا أن طريقتهم الجديدة للإنتاج عن طريق خط التجميع المعتمد على الذكاء الاصطناعي تتفوق على التصميمات التي ينفذها المهندسون البشريون. فوفق ما ذكره المصممون في بيان نُشر على موقع arxiv.org لإعلان نتائج البحث الذي أشرفت عليه جامعة كورنيل: «نعتقد أن الذكاء الاصطناعي سيقدم السبل اللازمة لتقصير دورة تصميم الرقاقة، عن طريق خلق علاقة تكافلية بين المكونات المادية للحاسب والذكاء الاصطناعي، مع استفادة كل منهما من المميزات الموجودة في الآخر» .
مرت دوائر الحاسوب بمراحل كثيرة منذ الكشف عن «الماكينة الحسابية الإلكترونية بالكامل» لأول مرة في عام 1945. اقترب حجم الماكينة الضخمة من حجم ثلاث حافلات وبلغ سعرها 6 ملايين دولار واحتوت على 18,000 أنبوب تفريغ وأميال من أسلاك التوصيل وبلغ وزنها 30 طنًا وشغلت حجرة كاملة في جامعة برينسيتون، واعتُبِرت تلك الآلة الضخمة باكورة رقاقات الحواسيب والدوائر المدمجة.
أما اليوم، فيحتوي هاتف آيفون على رقاقة بحجم ظفر الإبهام، وتتفوق قدرتها على قدرة حاسوب إينياك بمقدار 1,300 مرة وهي أصغر منها بمقدار 40 مليون مرة وبتكلفة تعادل 1/17,000 من تكلفة الماكينة العملاقة.
قد تساعد أيضًا خوارزمية جوجل الجديدة في التأكيد على استمرار قانون مور الذي يوضح أن عدد الترانزستورات الموجودة داخل الرقاقات الدقيقة يتضاعف كل عام أو عامين تقريبًا، في عام 1970، احتوت رقاقة 4004 من إنتل على 2,250 ترانزستور، بينما تحتوى رقاقة AMD Epyc Rome على 39.5 مليار ترانزستور، ما يضع أمامنا المزيد من الاحتمالات المستقبلية لخوارزميات جوجل الجديدة.