عندما وصلت روما إلى ذروة عظمته و أصبحت أمبراطورية واسعة الأطراف، واجه شعبها فجأة خطراً مرعباً فى عقر داره. فقد أندلعت ثورة داخل مجتمع العبيد فى إيطاليا، وسقطت بيد الثائرين مساحات كبيرة من البلاد. وكان قائد هذه الثورة شاباً من تراقيا، ويعتقد إنه سليل الملوك، أسمه سبارتاكوس.
وجد الرق منذ الأزمنة الغابرة، و الوسيلة المعتادة لأمتلاك العبيد كانت عن طريق الحرب، فبعد كل أنتصار يباع عدد كبير من الاسرى كرقيق. وقد أثرى العديد من حكام المقاطعات النائية من الرومان، بفضل الحمولات البشرية التى تغص بها السفن العائدة إلى روما. كما كان الرق وسيلة الكسب الرئيسية للقراصنة الذين كانوا يغزون البحار، وبعيداً داخل اليابسة كان الخطر نفسه، إذ كانت العصابات كانت تكمن فى الجبال أستعداداً للأنقضاض على المسافرين.
وفى الوقت الذى أمتدت فيه الأمبراطورية الرومانية، أصبح العبيد كثرة، ومعظم الاسر الغنية كانت تمتلك العشرات منهم. وكانت أثمانهم تتفاوت. فثمن العبد الفظ من أسبانيا أو سردينيا كان منخفضاً، بينما ثمن العبد الوسيم المثقف من اليونان و آسيا الصغرى كان مرتفعاً.
وكانوا العبيد يقومون بالأعمال كلها تقريباً، فى الحقول و الكروم، والخدمة المنزلية، و المثقفون منهم كانوا يستخدمون كتبة و معلمين و أطباء. ثم بدأ الرومان يدربون عدداً من العبيد على المصارعة، ففى تلك العهود القاسية المتوحشة كانت مشاهدة رجلين بائسين يتقاتلان حتى الموت، مبعثاً لأستمتاع سكان روما. وقد أعتاد أثرياء الرومان أقتناء فرقة من المصارعين، تماماً كما يقتنى الأثرياء مجموعة من الخيول فى السباق. وكانت المنافسة بينهم حادة، ومعسكرات التدريب تقام فى شتى أنحاء البلاد حيث يتحول أقوى العبيد و أشدهم شراسة إلى حيوانات مقاتلة.
فى سنة 73 قبل الميلاد وقع ما كان يخشى. أذ أفلتت مجموعة من المصارعين من معسكر فى " كابوا " وهربوا بقيادة سبارتاكوس إلى الجبال. وقد أختاروا لخطتهم ظرفاً مناسباً، إذ ان الجيوش الرومانية كانت مشغولة بالحروب خارج البلاد، فبدت الدولة الرومانية عاجزة عن مواجهتهم.
ثم قام الهاربون المختبئون فى الجبال بغارات على المزارع و القرى، وراحت أعدادهم تتزايد عندما أنضم إليهم مصارعون آخرون من المناطق الواقعة جنوبى إيطاليا. عندئذ خرجوا فى جرأة ليعلموا علناً، و أستطاعوا هزيمة جيش من روما بقيادة أحد " القناصل ". وتتابع تدفق العبيد من جميع أنحاء البلاد للأنضمام إلى جيش سبارتاكوس، و أنهزمت الجيوش الرومانية مرة بعد أخرى. وقرر سبارتاكوس التقدم شمالاً و عبور جبال الالب، ولكن عدداً كبيراً من العبيد فى جيشه رفض ترك إيطاليا فاضطر إلى البقاء داخل إيطاليا. وكان قد مضى على حريته عامان دحر خلالهما كل الجيوش التى ارسلت لقتاله، وجمع جيشاً يضم نحو تسعين ألف مقاتل، لكن النهاية كانت قد أقتربت. ففى عام 71 قبل الميلاد أرسل إليه جيش رومانى أعظم من الجيوش السابقة، يتكون من ثمانية ألاف، بقيادة " ماركوس " ، وتلاقى الجيشان فى معركة هزم فيها سبارتاكوس و قتل.