المعنى الحقيقي للدنيا
بيوم من الأيام كان هناك رجل في غابات جميلة للغاية يتطلع بعينيه إلى جمال الأشجار وعلوها، وجمال الأزهار وروائحها العطرة الزكية، وبينما كان مستغرقا في التمتع بمناظر كل ما حوله وإذا بأسد قوي للغاية يأتيه من خلفه سعيا وراءه لأكله، فيصيح الرجل ويركض مهرولا والأسد يطلبه من خلفه، وفجأة يتذكر البئر قرب المنزل المهجور فيقفز بداخله دون تردد منه للنجاة بروحه من الأسد الجائع متمسكا بالحبل المستخدم لجلب المياه منه؛ تطمئن نفسه لبضعة دقائق بعدما اختفى صوت الأسد ولكنه يسمع صوتا مختلفا للغاية، وإذا به فحيح ثعبان أسود وطويل للغاية يقترب منه قادما من نهاية البئر، الرجل في حيرة من أمره إذا خرج من البئر فأمر موته مقضي من الأسد الجائع الذي بانتظاره، وإذا استمر داخل البئر فسرعان ما سيصل إليه الثعبان ليخلصه من الحياة، وبينما يتأرجح يمينا ويسارا بالحبل إذا بفأرين صغيرين أحدهما أبيض اللون والآخر أسود اللون يقرضان في الحبل المتمسك به، حاول جاهدا أن يبعدهما عنه ولكنه لم يستطع، وبينما كان يحاول إذا به يرتطم بمادة لزجة على جدران البئر فيتذوقها فإذا بها عسل لذة للآكلين، ومن شدة لذته أنسته الأسد الذي ينتظره والثعبان الذي قرب منه وأمر الفأرين اللذان أفسدا الحبل، وفجأة سمع صوت زوجته توقظه من نومه وقد تصبب عرقا وكل جوارحه ترتجف من هول منامه وما مر به فيه، أيقن أنه لم يكن سوى مجرد حلم.
وفي الصباح الباكر ذهب إلى أحد العلماء ليفسر له الحلم الذي أرهقه وجعله يتصبب عرقا من شدته، فأخبره: “الأسد إنه ملك الموت الذي يركض خلفك، أما عن البئر والثعبان فهو قبرك يا بني، والحبل الذي تتعلق به لنجاتك فهو عمرك، أما الفأرين فالأبيض هو النهار والأسود فهو الليل وبتداولها فإنهما ينقصان من عمرك، وأخيرا العسل فإنه الدنيا ومن لذتها تنسيك أن من ورائك موت وحساب وعقاب”.