10 تغيرات أزلية طرأت على الأرض خلال عام 2019
في الكثير من الأوقات تبدو الأرض تحت أقدامنا ثابتة، إذ تبدو المناظر الطبيعية والمحيطات وسلاسل الجبال دائمةً ومستمرة مقارنةً بعمر الإنسان.
ولكن في بعض الأحيان قد تتغير الأرض بسرعة وبشكل كبير، إذ شهدت السنة الفائتة بعضًا من هذه اللحظات، كالحرائق الهائلة التي أعادت صياغة النظام البيئي، والزلازل التي غيرت سِمات سطح الأرض خلال لحظات، وسنستعرض فيما يلي أكثر التغيرات الأزلية التي طرأت على كوكبنا خلال عام 2019.
احتراق غابات الأمازون
شهد موسم الحرائق لعام 2019 في منطقة الأمازون جحيمًا مثيرًا للدهشة نهش أكبر الغابات المطيرة على الكوكب، ووفقًا للمعهد البرازيلي لأبحاث الفضاء فإن معدل الحرائق في البرازيل والأمازون عام 2019 ارتفع بمقدار 80% عن معدل السنة السابقة.
وفي آب، حوّل الدخان الناتج عن الحرائق نهار ساو باولو إلى مساء مغبر، وكانت الحرائق من فعل البشر أثناء سعيهم لإزالة الشجيرات وإفساح المجال للزراعة، ولكن ظروف الجفاف أدت لخروج العديد من هذه الحرائق عن السيطرة.
ساهم كل من الحرائق وقطع الأشجار من قِبل الإنسان في تسريع فقدان غابات الأمازون المطيرة، ووفقًا للمعهد البرازيلي لأبحاث الفضاء ارتفع معدل إزالة الغابات في البرازيل بحوالي 278% في تموز 2019 وذلك بخسارة 2253 كيلومترًا مربعًا من الغطاء النباتي.
أصبح الجليد العائم في القطب الشمالي أقل ثخانةً
شهد عام 2019 أيضًا استمرار تضاؤل الجليد العائم في القطب الشمالي، وستصبح البحار في القطبين خاليةً من الجليد بشكل متزايد مستقبلًا وفقًا لنماذج الجليد في القطب الشمالي.
وأثناء العام المنصرم تأكد هذا الأمر في بحر بيرينج Bering الذي أصبح شبه خالي من الجليد في نيسان. في الماضي بلغ جليد البحر ذروته في نيسان ودام حتى بدأ الذوبان في أيار.
أثناء ذلك، وجد العلماء خلال عام 2019 أن أقدم وأثخن بحر جليدي والذي يستمر عادةً لأكثر من 5 سنوات قد تلاشى بسرعة تبلغ ضعف سرعة تلاشي نهر جليدي صغير.
ويقّدر الباحثون أن الجليد العائم في القطب الشمالي قد يختفي بحلول العام 2044، وقد أكدت السنة الفائتة ذلك.
انزلاقات أرضية مميتة في جايابورا
في آذار، حولت الأمطار الغزيرة والقاسية سفوح التلال المنحدرة في منطقة بابوا في إندونيسيا إلى أنهار من الوحل والحطام، وقُتل أكثر من 100 شخص، وفُقد الكثيرون عندما اجتاحت الانهيارات الأرضية القرى.
بحسب منظمة الهلال الأحمر والصليب الأحمر، أدت الفيضانات المفاجئة لنزوح الآلاف من السكان عن منازلهم، إذ سقطت الأمطار فوق المنحدرات الحادة في جبال سيكلوبس Cyclops في المنطقة والتي قُطعَت الأشجار من بعضها للزراعة.
تركت الفيضانات الناجمة والانهيارات الأرضية آثارًا كبيرة وعميقة على المنحدرات، ولوثت الخزّانات المستخدمة لمياه الشرب.
ضرب زلزال البيرو
في الساعة 2:41 صباحًا بالتوقيت المحلي في 26 أيار وقع زلزال بلغت شدته 8 درجات بالقرب من المدينة الصغيرة يوريماجواس Yurimaguas في البيرو، إذ أدى إلى قتل شخص واحد بسبب موقع حدوث الزلزال البعيد وبؤرته العميقة جدًا في القشرة الأرضية.
ومع ذلك أصدر الزلزال طاقةً معادلةً لـ 6270000 طن من مادة TNT ما أدى لتغيير المشهد الطبيعي. تدمرت الشواطئ على نهر والاغا Huallaga وتخّربت الانهيارات الأرضية للغطاء النباتي للتلال وتشققت الطرق.
عاد أحد البراكين إلى نشاطه
كان بركان رايكوكي Raikoke، جبل بعيد على أرخبيل القمم البركانية والواقع ما بين شبه جزيرة كامتشاتكا Kamchatka الروسية وجزيرة هوكايدو Hokkaido اليابانية، هادئًا منذ 1924 حتى العام المنصرم.
في 22 حزيران فجّر رايكوكي قمته باعثًا سحابة من الرماد فطرية الشكل لارتفاع 13 كيلومترًا في الغلاف الجوي.
وأثر حدوث الانفجار في هذا المكان البعيد والمعزول بشكل كبير على الحركة الجوية، ما أجبر الرحلات الجوية على الانحراف عن مسارها لتجنب سحابة الرماد، وتمكن أحد الموظفين على متن رحلة بحرية اقتربت من الجزيرة في اليوم الذي يلي الثوران من تصوير التغير المفاجئ الذي حدث للبركان الذي كان خاملًا في يوم من الأيام.
كانت سفوح الجبل مغطاةً ببوصات من الرماد الخفيف السميك وانتقلت تدفقات من الرماد والحطام التي بلغت سماكتها عدة أقدام نزولًا لجوانب البركان. وفقًا للبرنامج العالمي للبراكين التابع لمعهد سميثسونيان Smithsonian فإن الغطاء النباتي للجزيرة دُفن تحت الرماد.
اختفاء جزيرة الزلزال
أثناء عام 2019، وبشكل مفاجئ وسريع اختفت جزيرة الزلزال في باكستان والتي ظهرت عام 2013. ظهرت جزيرة الزلزال نتيجةً لوقوع زلزال بلغت شدته 7.7 درجة والذي أدى لمقتل أكثر من 800 شخص في جنوب غرب باكستان في أيلول عام 2013.
عند اتصال الصفيحة التكتونية العربية مع الصفيحة الأورآسية، شق الطين المدفون طريقه للأعلى حاملًا معه الصخور ليبرز من خلال سطح الأرض، إذ ترتفع الجزيرة الناجمة مقدار 20 مترًا عن سطح المحيط ويبلغ عرضها 90 مترًا وطولها 40 مترًا.
خلال العام، قضى التآكل على جميع الرواسب باستثناء مقدار صغير على جزيرة الزلزال، ويقول باحثو ناسا أن هذه الحياة القصيرة شائعة بالنسبة للجزر الناتجة عن البراكين الطينية وهي عبارة عن الوحل العميق والصخور التي تخرج من خلال التصدعات في القشرة الأرضية.
دمر إعصار دوريان Dorian جزر البهاما
في الأول من أيلول عام 2019 اجتاح إعصار دوريان جزر البهاما بمثابة عاصفة بطيئة من الفئة الخامسة، ما عرض جزر آبكوس Abacos وجزيرة بهاما الكبرى لساعات من الأمطار الغزيرة ورياح بلغت سرعتها 295 كيلومترًا في الساعة.
في الثالث من أيلول وعندما ابتعدت العاصفة كان 60% من جزيرة البهاما الكبرى غارقًا تحت الماء وفقًا لصور الأقمار الصناعية التي التقطتها شركة فنلندية.
دمر الإعصار البنية التحتية البشرية على الجزر وقتل العشرات من الأشخاص، وألحقت العاصفة الضرر بالكثير من الأنظمة البيئية الطبيعية لجزر البهاما إذ قطعت الأشجار وهددت الحياة البرية التي تعتمد على بيئة الجزيرة.
ويشعر العلماء بالقلق من أن الاضطراب قد قتل آخر طيور البهاما وهو كاسر الجوز، هذه الطيور الصغيرة التي لا توجد إلا على جزيرة البهاما الكبرى.
وقد انخفض عددهم لبضعة أفراد بعد أن ضرب إعصار ماثيو Matthew الجزيرة في عام 2016، ومن غير المؤكد ما إذا تمكن أحد هذه الطيور من النجاة خلال إعصار دوريان Dorian، ولكن العاصفة الوحشية وفيضان المياه المالحة ضربا موطن هذه الطيور بقوة ما أثار المخاوف لكون إعصار دوريان تسبب بانقراض هذا الصنف من الطيور.
أصبح المحيط الهادئ أكثر دفئًا
خضع المحيط الهادئ لموجات بحرية حارة ذات أهمية استثنائية، وكان هذا الحدث في المحيط بمثابة تكرار لـِ “The Blob” وهي مساحة ضخمة من المياه الدافئة غير العادية التي استمرت قبالة الساحل الغربي للولايات المتحدة الأمريكية ما بين عامي 2013-2016.
وفقًا لمقتفي التيارات البحرية الحارة في كالفورنيا، فإن نسخة 2019 من “The Blob” كانت بنفس الضخامة والحرارة ما أثر على سمك السلمون والحياة البحرية الأخرى.
تبلغ درجة حرارة سطح البحر أثناء هذا الحدث 3 درجات مئوية أكثر سخونة من المعدل.
تُعتبَر هذه الأمواج الحارة أحداث مؤقتة وليست ارتفاعات دائمة في درجة حرارة البحر، ولكن العلماء قلقون بشكل متزايد من أن هذا الحدث سيصبح أمرًا طبيعيًا.
وقال سيسكو فيرنر وهو مدير البرامج العلمية في الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي:
«تعلمنا من “The Blob” وباقي الأحداث المماثلة في جميع أنحاء العالم أن الأمور التي لم نكن نتوقع حدوثها حدثت في الواقع وأصبحت أكثر شيوعًا».
خسارة القارة القطبية الجنوبية سنًا جليديًا
أن تأتي متأخرًا أفضل من أنّ لا تأتي أبدًا؟ وأخيرًا انفصل الجبل الجليدي الذي توقع العلماء انفصاله بحلول عام 2015 عن القارة القطبية الجنوبية في أيلول 2019.
انسلخت كتلة من الجليد تبلغ مساحتها 1636 كيلومترًا مربعًا عن القارة القطبية الجليدية في 26 أيلول إذ انشطرت عن جرف أمري Amery الجليدي في شرق القارة، إذ يبدو أن هذا التكوين الجليدي يسلخ عنه جبل جليدي كبير كل 60 أو 70 عامًا، بحسب ما أورد العلماء.
على الرغم من تغير ساحل القارة القطبية الجنوبية فإن الجبل الجليدي كان عائمًا بالفعل وبالتالي لم يؤثر انسلاخه على مستويات سطح البحر.
وبطبيعة الحال تتسارع خسارة الجليد في القارة القطبية بشكل مستمر، ويقدر العلماء بأن القارة خسرت ما يقارب 3 تريليون طن من الجليد خلال الـ 25 سنة السابقة، ما أدى لارتفاع مستوى سطح البحر بمقدار 8 ملييمترات.
ازدياد غاز الكربون في الغلاف الجوي
ربما كان التغيير الأكثر انتشارًا الذي حصل للكوكب خلال 2019 هو الاستمرار في ضخ غاز الكربون في الغلاف الجوي والمحيطات والذي سجل رقمًا قياسيًا هذه السنة.
وفقًا لتقرير صادر عن مشروع الكربون العالمي فإن النشاط البشري (الزراعة والنقل والصناعة) بعث ما يقارب 43.1 مليار طن من الكربون في عام 2019، الأمر الذي حطم الرقم القياسي السابق لعام 2018.
يبقى الفائض من غاز الكربون في الغلاف الجوي من عقود لقرون، أي أن الانبعاثات الصادرة خلال 2019 ستبقى لفترة طويلة في المستقبل.
وفقًا للجنة الدولية المتعلقة بالتغير المناخي IPCC، دون تخفيف سريع وعاجل لانبعاثات الغازات الدفيئة، من المحتمل أن يصبح الغلاف الجوي أكثر دفئًا بـِ 3 درجات مئوية.