القارة المفقودة من زيلانديا تخفي دلائل عن ولادة منطقة الحزام الناري
شهدت قارة زيلانديا المغمورة تغيرات في عمرها البالغ 85 مليون سنة. تعرضت قارة زيلانديا المغمورة تحت البحر الخفية لاضطراب في وقت ولادة منطقة الحزام الناري في المحيط الهادئ.
زيلانديا هي قطعة من قشرة قارية تقع بجوار أستراليا. وتتموضع بالكامل تقريبًا تحت المحيط، باستثناء بعض النتوءات، مثل نيوزيلندا وكاليدونيا الجديدة. ولكن على الرغم من وجودها تحت سطح البحر، فإن زيلانديا ليست مصنوعة من القشرة المحيطية الغنية بالمغنيسيوم والحديد. بل تتألف من قشرة قارية أقل كثافة.
وقد عُرف وجود هذه الجيولوجيا الغريبة منذ السبعينات، ولكن استُكشفت زيلانديا فقط عن كثب في الآونة الأخيرة. فقد ذكر علماء الجيولوجيا في مجلة GSA Today في عام 2017، أن زيلانديا مؤهلة كقارة مستقلة، وذلك بفضل هيكلها وانفصالها الواضح عن القارة الأسترالية.
ويكشف تحليل جديد لأجزاء من زيلانديا المحفورة من أسفل قاع المحيط في عام 2017 أن هذه القارة خضعت لنوبة من التغييرات بين 35 إلى 50 مليون عام مضت.
ومع بدء عملية الاصطدام القاري المعروفة باسم الانزلاق التكتوني (الانغراز) في غرب المحيط الهادئ، ارتفعت أجزاء من شمال زيلانديا بما يصل إلى 1,8 ميل (3 كيلومترات)، وانغرزت أقسام أخرى بمقدار مماثل في الارتفاع. (يحدث الانزلاق التكتوني عندما تصطدم صفيحة تكتونية بأخرى وتغرق أسفلها).
كتب روبرت ساذرلاند Rupert Sutherland المؤلف المشارك في الدراسة، وهو عالم جيوفيزياء في جامعة تي هيرينغا واكا فيكتوريا في ولنغتون، وجيرالد ديكنز من جامعة رايس في تكساس: «تزامنت هذه التغيرات الهائلة في شمال زيلانديا، وهي منطقة بحجم الهند تقريبًا، مع وجود طبقات صخرية (تعرف باسم الشرائح) وتكوين براكين تحت الماء عبر غرب المحيط الهادئ».
وكانت باختصار ولادة الحزام الناري، وهو عبارة عن قوس مناطق الانزلاق التكتوني التي تحيط بمنطقة المحيط الهادئ. يصاحب نشاط الحزام الناري التكتوني زلازل متكررة نسبيًا ومناطق للنشاط البركاني.
وقال ساذرلاند في تصريح له: «من الأشياء المذهلة عن ملاحظاتنا أنها تكشف عن العلامات الأولى للحزام الناري التي كانت متزامنة تقريبًا في جميع أنحاء غرب المحيط الهادئ».
لم يكن معروفًا الكثير عن ديناميكية زيلانديا منذ أن انفصلت عن القارة العظمى «غندوانا» منذ حوالي 85 مليون سنة. لذا أرسلت بعثة استكشاف المحيط الدولي في عام 2017 حوالي 371 سفن بحثية للتنقيب في قاع المحيط أسفل بحر تاسمان، تحت الطين الرسوبي لآلاف السنين الأخيرة وفي الصخور الموجودة منذ فترة طويلة كما كان في أواخر العصر الطباشيري (100.5 إلى 66 مليون سنة مضت).
تمكن الباحثون من تحديد ارتفاع الرواسب في الوقت الذي وضعت فيه باستخدام الأحافير الصغيرة الموجودة في الرواسب. ووجدوا أن الرواسب كانت تحتوي على أحافير تشير إلى النظم الإيكولوجية للشعاب المرجانية الضحلة في ثلاثة مواقع في شمال زيلانديا في الفترة ما بين 35 و50 مليون سنة مضت.
وتقع هذه المواقع اليوم في وسط بحر تاسمان قرب منطقة تسمى لورد هاو رايز. أقرب إلى فانواتو والتي تسمى اليوم حوض كاليدونيا الجديدة، إذ وجد الباحثون أنواعًا من العوالق وحيدة الخلية تعيش في مياه أعمق، مشيرين إلى أن ارتفاع زيلانديا قد انخفض في نفس الإطار الزمني الذي يتراوح بين 35 و50 مليون سنة.
وبعد ارتفاع منطقة شمال زيلانديا وانخساف كاليدونيا الجديدة، غرقت القارة بأسرها على بعد 0.6 ميل (1 كم) تحت سطح البحر.
يشتبه ساذرلاند وزملاؤه في أن التغييرات في زيلانديا في هذا الوقت كانت جزءًا من اضطراب أكبر أدى سريعًا إلى تشكيل مناطق حضارية تابعة للحزام الناري حول غرب المحيط الهادئ.
وقال ساذرلاند في التصريح: «لا نعرف أين أو لماذا، ولكن حدث شيء ما في الحركة المستحثة محليًا، وعندما بدأ الصدع في الانزلاق انتشرت الحركة بسرعة على جانبي الأجزاء المجاورة لنظام الصدع ثم حول منطقة غرب المحيط الهادئ كما يحدث في الزلزال».
وقد تستغرق هذه العملية أكثر من مليون سنة، ولكنها كانت تمثل إعادة ترتيب دراماتيكية لجيولوجيا غرب المحيط الهادئ.
كتبا ساذرلاند وزميله ديكنز: «ما عواقب هذه التغيرات الجغرافية على النباتات والحيوانات والمناخ الإقليمي؟ هل يمكننا إنشاء نموذج حاسوبي للعمليات الجيولوجية التي حدثت في الأعماق؟ لا نزال نستكشف بعضها، ولكننا نعرف أن هذا الحدث قد غير اتجاه وسرعة حركة معظم الصفائح التكتونية على الأرض. لقد كان حدثًا ذا أهمية عالمية حقًا – ولدينا الآن ملاحظات وأفكار جيدة لمساعدتنا على الوصول إلى حقيقة ما حدث ولماذا».