أدلة جديدة تظهر أثر فيروس كورونا الجديد على تلوث الهواء العالمي
وباء كورونا المتفشي يزداد بشكل كارثي يوميًا، ويزداد معه إغلاق المنشآت وتقييدها، إلى تلك اللحظة -16 مارس 2020- تخطت الوفيات حاجز الـ 7000 إنسان حول العالم، وأتبعه ضربة مباشرة للاقتصاد العالمي. لكن هناك بعض الأخبار الجيدة في خضم تلك الكارثة، فالأمر يتعلق بكيفية خفض تلوث الهواء بزيادة انتشار فيروس كورونا ، وقد ينقذ بعض الأرواح في تلك العملية.
في يوم الثامن من مارس، أجرى مارشل بورك، عالم الموارد البيئية بجامعة ستانفورد، بعض الحسابات حول انخفاض تلوث الهواء في أجزاء معينة في الصين، وإمكانية إنقاذ حياة بعضهم، ونشره على المدونة العالمية للغذاء والبيئة وديناميكيات الاقتصاد G-FED.
استمر الوضع في الانتشار منذ ذلك الحين، لذلك تلك الأرقام لن تدوم طويلًا؛ لكن وفقًا لبورك، فإن عدد الأشخاص الذين أُنقذوا محليًا نتيجة اللحد من التلوث تجاوز عدد الأشخاص الذين توفوا أثر فيروس كورونا الجديد COVID-19.
وفقًا لبورك: «بالنظر إلى كمية الأدلة التي تشير إلى أن تنفس الهواء الملوث يساهم بشكل كبير في الوفيات المبكرة، فإن السؤال الطبيعي يتمحور حول ما إذا كان عدد الأشخاص الذين أُنقذوا بسبب خفض تلوث الهواء الناجم عن اختلال الاقتصاد بسبب فيروس كورونا الجديد يتجاوز عدد القتلى من الفيروس نفسه، حتى وإذا افترضنا ذلك ونحن في أشد الحرص، فأعتقد أن الإجابة نعم وواضحة».
وفقًا لما ذكره بورك، انخفاض تلوث الهواء لمدة شهرين، من المحتمل أن ينقذ حياة 4000 طفل تحت سن الخامسة، و73 ألف شخص تحت سن الـ 70 في الصين. وهذا أكثر بكثير من الوفيات الناتجة عن الفيروس.
على الرغم من أن هذا يبدو مفاجئًا بعض الشيء، فإنه شيء نعلمه تمامًا ومنذ فترة طويلة. وفي وقت مبكر من الشهر أشارت دراسة إلى أن تلوث الهواء يكلفنا ثلاث سنوات من متوسط أعمارنا.
قال الفيزيائي جوس ليلفيلد من معهد قبرص في نيقوسيا بذلك الوقت: «الملفت في الأمر أن عدد الوفيات وفقدان الحياة الناجم عند تلوث الهواء ينافس تأثير تدخين التبغ وهي أعلى بكثير من الأسباب الأخرى التي تؤدي للوفاة.
الوفاة المبكرة بسبب تلوث الهواء تجاوزت الملاريا كسبب عالمي للوفاة المبكرة بـ 19 مرة، وتجاوزت الوفاة الناجمة عن العنف بـ 16 مرة، والناجمة عن فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز) بـ ٩ مرات، وشرب الكحول بـ 45 مرة وتعاطي المخدرات بـ 60 مرة». لذا من المثبت أن تلوث الهواء يقتل بالفعل.
لكن تحليل بورك اقتصر على البيانات الواردة من الصين فقط، وأتمه قبل أن يتاح المزيد من المعلومات حول الكيفية التي أثر بها انتشار فيروس كورونا الجديدCOVID-19 على بقية العالم.
في إيطاليا، حيث ثاني أكبر عدد للحالات المسجلة بعد الصين ومع فرض الدولة القيود الصارمة والحجر الصحي لمواجهة تفشي الوباء قدر الإمكان، أظهرت الأقمار الصناعية انخفاضًا كبيرًا في تلوث الهواء فوق شمال إيطاليا خاصة ثاني أكسيد النيتروجين (غاز ينبعث بشكل رئيسي بواسطة السيارات والشاحنات ومحطات الطاقة وبعض المنشآت الصناعية).
أظهرت الصور بتاريخ 1 يناير إلى 11 مارس 2020 باستخدام أداة تسمى Tropomi محملة على القمر الصناعي Copernicus Sentinal -جهاز مطياف استشعار أشعة محددة منها الأشعة فوق البنفسجة والأشعة تحت الحمراء لمراقبة نسب الأوزون والميثان والفورمالدهيد وغيرها- انخفاضًا كبيرًا في ثاني أكسد النيتروجين.
وفقًا لما وضحه كلاوس زينر، مدير بعثة القمر الصناعي Copernicus Sentinel -5P والتابع لوكالة الفضاء الأوروبية: «إن واد بو في شمال إيطاليا أظهر بشكل خاص انخفاضًا كبيرًا في انباعاثات ثاني أكسيد النيتروجين.
على الرغم من إمكانية وجود تغييرات طفيفة في البيانات بسبب الغطاء السحابي والتغيرات في الطقس، فإننا على ثقة أن انخفاض الانبعاثات الذي نراه متزامن مع فرض القيود والحجر الصحي في إيطاليا الذي أدى إلى خفض حركة المروروالأنشطة االصناعية».
إلى الآن ليس لدينا دراسات مُراجعة تقيس التأثير الصحي الحقيقي الذي سوف يحدث نتيجة لانخفاض الانبعاثات، لكن بالنظر إلى ما نعرفه عن مخاطر تلوث الهواء واسعة الانتشار، فمن المحتمل وجود فائدة مباشرة تتمثل في خفض عدد الوفيات الناجمة عن التلوث.
لكن حتى تلك الفائدة البسيطة بالكاد يمكن أن تعوض عن جائحة فيروس كورونا الجديد COVID-19. لكن هذه الأرقام الأولية تظهر أن تلك الكارثة الصحية هي فرصة لتقيم العديد من جوانب الحياة الحديثة التي لا شك في أنها ضرورية، وما التغيرات الإيجابية التي قد تكون ممكنة إذا قمنا بتغيير عاداتنا على مستوى العالم.