في حين أن بإمكان جناحي الفراشة فعل بعض الأمور المدهشة، هل لديهما القدرة على تغيير الطقس؟ حسنًا، لا تستعجل الإجابة، لأن ما ستعرفه لاحقًا سيُفاجئك! وكل ذلك يدور حول نظرية لا بدّ أنك سمعتَ بها من قبل، وهي نظرية أثر الفراشة.
ماذا يعني أثر الفراشة Butterfly Effect؟
خلال الاجتماع الـ139 للجمعية الأمريكية للتقدم العلمي، طرح العالِم إدوارد لورينز تساؤلًا: ” هل يُمكن لرفرفة أجنحة الفراشة في البرازيل أن تتسبّب بوقوع إعصار في تكساس؟” هذا المفهوم تم تبنّيه تحت اسم تأثير أو أثر الفراشة في الثقافة الشعبية، وهو يُشير إلى أهمية الحوادث الدقيقة في الكون.
لورينز، أستاذ الأرصاد الجوية في معهد ماساتشوستس للعلوم والتكنولوجيا، طرح هذا المفهوم لكنه قصد شيئًا مختلفًا تمامًا، في الواقع كان يرغب بالإشارة إلى نقطة معاكسة لما أُخذ به. وفقًا لتفسيره، فقد قصد توضيح فكرة أن بعض الأنظمة الديناميكية المعقّدة تُظهر سلوكيات غير متوقعة، كالتباينات الصغيرة في الظروف الأولية التي يُمكن أن يكون لها آثار عميقة على نطاق واسع على نتائج النظام، ولا يُمكن التنبؤ مسبقًا بهذه النتائج بسبب حساسية عمل الأنظمة.
هذه الفكرة التي طرحها لورينز أصبحت منهجًا أساسيًا وفرعًا في علم الرياضيات، وتحمل اسم نظرية الفوضى Chaos Theory، والتي تم تطبيقها في سيناريوهات لا حصر لها منذ طرحها. أصبح هذا الفرع من الرياضيات يُشكك في بعض قوانين الفيزياء الأساسية، خاصةً تلك التي اقترحها السير إسحاق نيوتن حول الطبيعة الميكانيكية والمتوقعة للكون.
العلاقة بين نظرية الفوضى وأثر الفراشة
أول شيء يجب فهمه هو أن “أثر الفراشة” مجرد مجاز لنظرية الفوضى في الرياضيات.
نظرية الفوضى تعني علم المفاجآت غير المتوقعة وغير الخطية، والتي تُعلّمنا أن نتوقّع ما هو غير متوقّع. على سبيل المثال، تتعامل نظرية الفوضى مع الأشياء التي يصعب التنبؤ بها، مثل اضطرابات الطقس وسوق الأوراق المالية والدماغ البشري، حيث تُوصف هذه الظواهر بالرياضيات الكسرية، والتي تعكس التعقيد اللانهائي للطبيعة.
إذا ما تمعنّت في الطبيعة من حولك، ستجد أن العديد من الظواهر تُبدي خصائص كسرية غير خطية، مثل سلوك السحب والأنهار والأشجار والمناظر الطبيعية والعديد من الأنظمة الأخرى. وفهم هذه الأمور المعقّدة الفوضوية يمنحك رؤية جديدة وحكمة في القرارات. على سبيل المثال، التنبؤ بالحالة الجوية يُمكن أن تجعل طيًارًا ينجح في توجيه طائرته إلى الموقع المطلوب.
عودة إلى أثر الفراشة، هل يُمكن حقًا لرفرفة جناحي الفراشة في البرازيل أن تتسبّب بإعصار في تكساس؟ لا يعني ذلك أن هذا يُمكن أن يحدث في الواقع، لكن ومن الناحية النظرية، من الممكن أن حدثًا صغيرًا، مثل هذا، في الوقت والمكان المناسبيْن، أن يؤدي إلى إحداث مجموعة من الأحداث التي ستنتهي إلى تشكيل إعصار على الجانب الآخر من العالم.
في حين يبدو الأمر مُثيرًا للسخرية كمفهوم، إلا أنه ليس من المفترض أن يتم أخذه حرفيًا. يُقصد باستعارة “أثر الفراشة” ببساطة أن تُثبت أن القليل من الأحداث غير المهمة يُمكن أن تؤدي إلى نتائج مهمة مع مرور الوقت.
بعبارةٍ أخرى، يُمكن أن يكون للتفاوتات الصغيرة في الظروف الأولية تأثيرات عميقة ومتشعّبة على نطاق واسع على النظام. هذه الأنظمة الفوضوية لا يُمكن التنبؤ بها بطبيعتها.
المصدر