أوصى العلماء بهذه الأسلحة الأربعة في حربنا ضد التغير المناخي
سنة 1896 اكتشف العالم السويدي سفانتي أرينيوس Svante Arrhenius تأثر درجات حرارة الأرض بوجود الغازات المُسببة للاحتباس الحرارس في الغلاف الجوي ، وافترض أنه إذا تضاعف مستوى ثاني أكسيد الكربون ، ستزداد درجات الحرارة عالميًّا بمقدار 5 درجات مئوية، وأكثر من ذلك في القطبين.
بعد أكثر من قرن، ما زال مسار العالم مطابقًا لتوقعات أرينيوس، وإذا ظللنا على نفس الوتيرة ستزداد درجة حرارة الأرض عن معدل ما قبل الثورة الصناعية بمقدار 4.8 درجة مئوية بحلول عام 2100.
نؤمن، نحن خبراء الفيزياء وعلم طبقات الأرض وعلوم النظام المناخي والشعاب المرجانية، أن عدم تدخل الحكومات للحد من الانبعاثات العالمية يتطلب تدخلًا سريعًا وفوريًا.
يجب علينا مكافحة التغير المناخي على العديد من الجبهات، والتعامل معه كأنه الحرب العالمية الثالثة، والآن سنستعرض أربعًا من هذه الجبهات:
1- زراعة الكثير من الأشجار
تُعَد زراعة الأشجار أحد الحلول الفعالة لمعالجة الأزمة المناخية. وجدت دراسة جديدة أن زراعة 900 مليون هكتار من غطاء الأشجار الإضافي خارج حدود الغابات والأراضي الزراعية والمدن، كاف لاختزان 25% من ثاني أكسيد الكربون الموجود في الغلاف الجوي، وأيضًا تعمل الغابات على زيادة الغيوم، ومن ثم ازدياد سقوط الأمطار وانخفاض درجات الحرارة.
يُعَد مشروع Gondwana link في غرب أستراليا خير مثال على ما يمكن تحقيقه. إذ يعمل المشروع على إعادة ربط الأنظمة البيئية المُجزأة لإنشاء غابات متصلة بطول 1000 كيلومتر.
يجب أن تتوقف عمليات الإزالة الواسعة للأشجار، ويجب البدء في تطبيق برامج ضخمة لزراعة الأشجار في جميع المناطق الممكنة، التي قد توفر فرص عمل ضخمة للشركات الصغيرة، ويتطلب الأمر حوافز وشراكات يمكن تمويلها من طريق فرض الضرائب على انبعاثات الكربون.
وقد يتطلب ذلك إنشاء محطات تعمل بالطاقة المتجددة لتحلية مياه البحر، لتوفير المياه اللازمة لإنشاء الغابات في ظروف الجفاف، ويرتبط ذلك بالتقنية الجديدة المهمة المُسماة تمعدن الكربون carbon mineralisation.
2- تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى حجر
تشمل عملية تمعدن الكربون تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى معادن كربونية، من طريق محاكاة الطريقة الطبيعية لتكون الأصداف والأحجار الكلسية.
بُحثت العديد من التقنيات لتحقيق الأمر، تهدف إحداها إلى التقاط ثاني أكسيد الكربون من المنشآت الصناعية، ثم ضخها عبر محلول ملحي من منشآت تحلية المياه، أو استخراجه من مخلفات مناجم النيكل بواسطة البكتيريا.
يمكن حجز كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون بهذه الطريقة، ما يُنتج مواد بناء مفيدة بوصفها منتجًا ثانويًّا، يمكن حاليًّا إجراء تجربة لهذا النهج في أستراليا، ومن ثم تطبيقه على نطاق واسع.
3- جعل سطح الأرض أكثر عكسًا
تتمثل إدارة الإشعاع الشمسي في وجود تقنية لعكس ضوء الشمس إلى الفضاء مجددًا، للحد من تسخين الكوكب.
إن تغيير انعكاسية الأسطح، مثل طلاء الأسقف بالأبيض، يقلل من الحرارة الممتصة كثيرًا، ما يساعد على تبريد المدن، وعلى نطاق أوسع يمكننا رش الطرق الأسفلتية بغبار الحجر الكلسي، وترك بقايا الزرع بعد الحصاد في المزارع على مدار فصل الصيف، وزراعة محاصيل فاتحة اللون.
تقترح الدراسات أن الأسطح الأرضية فاتحة اللون تمتلك إمكانية التبريد على نطاق إقليمي، ويُحتمل أن تخفض درجات الحرارة بمقدار 3 درجات مئوية.
تُخفض هذه الطرق الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري خفضًا غير مباشر، من طريق المساهمة في الحد من استخدام مكيفات الهواء.
4- إيجاد أفكار جديدة للنقل Reimagine transport
تُعَد الآليات والتقنيات الاقتصادية مهمةً وضرورية لتسريع الانتقال إلى الطاقة المتجددة، والحفاظ على الطاقة، واستخدام وسائل نقل عديمة الانبعاثات.
أطلقت صناعة الشحن الدولية نحو 800 ميجا طن من ثاني أكسيد الكربون سنة 2015، ومن المُتوقع أن يتضاعف هذا الرقم حتى منتصف القرن.
فيما يتعلق بالسفن التي لا تعمل بالطاقة المتجددة، يقترح العلماء ضرورة خفض حدود السرعة بمقدار 20% لتقليص استهلاك الوقود، وتستطيع أستراليا أن تلعب دورًا رئيسيًّا في ذلك، بزيادة رسوم الرسو وفقًا لسرعات السفن المُراقَبة بالأقمار الصناعية.
بوسع أستراليا أن تحذو حذو النرويج، التي تقدم حوافز مالية ضخمة للتشجيع على استخدام المركبات عديمة الانبعاثات، التي تعمل بالهيدروجين أو الطاقة الكهربائية، ويشمل هذا إعفاءً من ضريبة الشراء ومواقف مجانية للمركبات في بعض الأماكن.
نجحت تلك الطريقة في النرويج، إذ بلغت نسبة السيارات المُباعة العاملة بالطاقة الكهربية 60% في مارس 2019.
ما الخطوة التالية؟
تتمثل رسالة أستراليا إلى العالم أجمع في تخفيض الانبعاثات المسببة للتغير المناخي، و الإسراع في الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة مثل الهيدروجين المتجدد والكهرباء.
يجب خفض الانبعاثات الناجمة عن الزراعة، وإعادة إمداد التربة بالكربون بدلًا مما فقدته نتيجةً للزراعة الحديثة، ونقترح تدخلًا عسكريًّا واسعًا لإطفاء الحرائق، باستخدام الطائرات، إضافةً إلى بناء مهابط طائرات تبعد ساعتين عن أي موقع مُحتمَل لحدوث الحرائق.
تتطلب هذه الخطوات مقرًا مركزيًّا يوفر القيادة والمعلومات والتنسيق، ربما نسخة موسعة من مكتب Greenhouse الذي أُنشئ عام 1998 (ثم دُمجَ فيما بعد مع مؤسسة حكومية أخرى). يجب أن يفرض هذا المقر -من بين واجباته- ضريبةً على كل أداة أو آلة نستخدمها تضر بالمناخ.
قد تكون بعض التقنيات مكلفة أو خطرة أو بطيئة التنفيذ، إذ تتطلب كلها السيطرة والحذر، ومشاركة الشعب لضمان الدعم المجتمعي.
في ظل الزيادة المستمرة للغازات الدفيئة في الغلاف الجوي، يجب على الحكومات أن تُسخِّر كل سلاح متاح، ليس للانتصار في هذه الحرب فحسب، بل لتجنب المخاطر الاجتماعية المؤسفة.