أول رصد لتصادم بين ثقبين أسودين مختلفين تمامًا في الكتلة
رصد علماء الفلك باستخدام مرصد الأمواج الثقالية بقياس تداخل الليزر (ليغو) ومرصد الجاذبية الأوروبي (فيرغو) تصادم ثقبين أسودين يختلف عما رُصد في الأعوام الأربعة الماضية، فمنذ أول اكتشاف للموجات الثقالية سنة 2015 -وهي تموجات في الزمكان تنتج عن تصادم ثقبين أسودين- كانت أكثر الاندماجات بين ثقوب سوداء متقاربة الكتلة، أما هذا التصادم المُكتشَف حديثًا فهو أول تصادم يوفر دليلًا واضحًا لعدم تساوي كتل العناصر المشاركة فيه.
اكتُشف الحدث (GW190412) في 12 أبريل 2019، بعد أسابيع من بداية جولة العمل الثالثة لمرصد ليغو، الذي كان متوقفًا عن العمل منذ أغسطس 2017 للصيانة. تنتشر الموجات الثقالية الناتجة من التصادمات عادةً بتردد وحيد، لكن الباحثين وجدوا موجات بترددات مختلفة، ما يعني عدم توازن الكتل المتصادمة. اصطدم ثقب أسود تبلغ كتلته 8 أضعاف كتلة الشمس بثقب آخر تبلغ كتلته 30 ضعف كتلة الشمس، أي أن كتلة الثاني 3.6 ضعف كتلة الأول، ونُشر الاكتشاف في اجتماع جمعية الفيزيائيين الأمريكيين الشهر الجاري، في ورقة بحثية تنتظر مراجعة الأقران مُتاحة للقراء.
صرح فرانك أوم، العالم بمرصد ليغو، رئيس فريق الباحثين في معهد ماكس بلانك لفيزياء الجاذبية: «حتى الآن، منحتنا كل الملاحظات الناتجة من جولة عمل ليغو وفيرغو منظورًا جديدًا عن الكون، ولم تكن الجولة الثالثة استثناءً، إذ رصدنا سابقًا عدة ثقوب سوداء ثنائية مندمجة، لكننا لم نر من قبل أن تبلغ كتلة أحدهما أربعة أضعاف كتلة الثاني».
شاهد الفيديو
إن المثير بشأن اختلاف الكتلة ليس كونه يُرصَد لأول مرة فحسب، بل لأنه سمح للعلماء باختبار نظرية النسبية العامة لأينشتاين، إذ تتوقع النظرية أن يسبب التصادم الحاصل بين الكتل المختلفة اختلافًا في نمط إشعاع الجاذبية المرصود، وهذا ما لاحظه العلماء بالفعل.
قال أنورادها ساماجدار، زميل ما بعد الدكتوراه في المعهد الوطني الهولندي للفيزياء دون الذرية وعضو التعاون في فيرغو: «بسبب عدم تساوي الكتل، ظهرت (نغمات) في الإشارات المرصودة للمرة الأولى، ما أعطانا فرصة مثيرة لاختبار تنبؤ مهم لنظرية أينشتاين، حول ما سيحدث عند تصادم ثقوب سوداء بأحجام غير متساوية».
نشر الفريق الإشارات التي تترجم الموجات الثقالية إلى أصوات يمكننا سماعها، والمثير للدهشة أن خصائص النظام غير المتوازن أنتجت نغمات موسيقية على فترات مثالية.
سمح التفاوت في الكتل بتوقع أدق لبُعد الثقوب السوداء، فهي تقع غالبًا على بُعد 700 مليون فرسخ فلكي، أي ما يعادل 2.3 مليار سنة ضوئية.