اكتشاف نوع جديد من النجوم النابضة؛ نجوم تنبض من جهة واحدة فقط
كشف لنا الكون مفاجأةً جديدةً على مقربة منّا، مفاجأة تقع على بعد 1500 سنة ضوئية. اكتشف العلماء نوعًا جديدًا من النجوم النابضة ، ينبض من جهة واحدة فقط، وكان من المتوقع اكتشاف هذا النوع من النجوم لكن العلماء شاهدوه للمرة الأولى منذ فترة قليلة ولأول مرة. قال عالم الفلك دون كورتز من جامعة سنترال لانكاشير في المملكة المتحدة: «عرفنا نظريًا وجود مثل هذه النجوم منذ الثمانينيات، لقد كنت أبحث عن نجمٍ مثل هذا منذ 40 عامًا والآن وجدنا واحدًا».
يسمى النجم HD74423، وهو نجم من النوع A، كتلته أكبر من كتلة الشمس بحوالي 1.7 مرة، ويعد أصغر سنًا منها، لكن يصعب تحديد عمره بدقة. رُصد سلوكه النابض والغريب لأول مرة من قبل العلماء المواطنين الذين يبحثون عن بيانات من تلسكوب الفضاء التابع لوكالة ناسا، باحثين عن الحالات الغريبة.
أخذ هؤلاء الفلكيون المواطنون النتائج التي توصلوا إليها إلى علماء الفلك المُحترفين، ووصلت في النهاية إلى كورتز والفلكي جيرالد هاندلر من مركز نيكولاس كوبرنيكوس الفلكي في بولندا.
النبضات داخل النجم ليست غريبة
تنبض معظم النجوم -وربما كلها- في أنماط إيقاعية، بسبب الموجات بداخلها، وتنشأ هذه الموجات بسبب الحمل الحراري والمجال المغناطيسي للنجم، ومثلما تُمكّننا الزلازل من اكتشاف أحشاء الأرض، يمكن أن تكشف هذه الأمواج ما يحدث داخل النجوم.
يُمكن الكشف عن التذبذبات النّجمية في جميع النجوم الأخرى المكتشفة قبل HD74423، لكن لماذا يعتبر HD74423 غريبًا؟
لأن لديه صديقًا مقربًا جدًا، قزم أحمر، وهما مرتبطان في مدار فائق الضيق لا يتجاوز 1.6 يومًا.
تتشوه الجاذبية عند هذا القرب، ويسحب القزم الأحمر HD74423 على شكل بيضة أو دمعة.
لا تُسحب مواد HD74423 فقط بشكل منحرف، بل إن القزم الأحمر يُشوه تذبذبات النجم وهذا ما يسبب سُلوكه الغريب.
قال الفلكي ديفيد جونز من معهد أستروفيزيكا دي كانارياس في إسبانيا: «بينما تدور النجوم الثنائية حول بعضها، نرى أجزاءً مختلفة من النجم النابض ، وفي بعض الأحيان نرى الجانب المقابل لنجمه المرافق، وأحيانًا نرى الوجه الآخر».
ليس هذا الشيء الوحيد الغريب في HD74423.
عندما بدأ الباحثون في فحص النجم عن كثب، لاحظ الفلكي سايمون مورفي من جامعة سيدني في أستراليا بعض الوفرة غير العادية في المواد الكيميائية للنجم. قال مورفي: «أول ما لفت انتباهي هو أنه نجم غريب كيميائيًا، وعادة ما تكون مثل هذه النجوم غنية إلى حد ما بالمعادن، لكن هذا النجم فقير بالمعادن، ما يجعله نوعًا نادرًا من النجوم السّاخنة».
قلّة المعادن هي إحدى الخصائص المميزة للنجوم القديمة، لكن HD74423 مختلف فهو نوع من الأجسام الغريبة كيميائيًا المعروفة باسم نجمة Lambda Boötis، ويُعتقد أن انخفاض معادنها ناتج عن انزلاق النجم في الغاز المستنفذ للمعادن في بيئته الأساسية.
قال مورفي لموقع ScienceAlert: «لدينا اتفاق جماعي -بصفتنا علماء فلك نعمل معًا على بيانات TESS- أن نشارك نتائجنا في مجتمعنا العامل قبل تقديمها إلى المجلة، وعندما أدركنا أننا نعمل على نفس النجم، وحّدنا جهودنا. هذا عمل نادر في الأوساط الأكاديمية، وهو يعود علينا بنتائج رائعة، والآن بعد أن عرفنا ما الذي نبحث عنه، يعتقد علماء الفلك أننا سنجد العديد من النجوم المختبئة غير المتوازنة هناك».
لم تُلاحظ خصوصية هذا النجم مسبقًا بسبب ضعف إمكانية الأدوات التي كانت متاحة، إضافة إلى أن العيون البشرية أفضل بكثير في ملاحظة الاختلافات من الذكاء الاصطناعي، وهناك أكثر من 16000 متطوع يُراقبون باستخدام TESS بحثًا عن الكواكب وغيرها من الأحداث غير العادية.
قال مورفي: «عندما تحدث ثورة في جودة البيانات والأدوات المُستخدمة، فإنك ستُلاحظ ظواهر جديدة. قد نجد العديد من هذه النجوم التي تنبض بشكل غريب، لكنها ما تزال نادرة جدًا».
والآن بعد أن عرف الفلكيون طبيعة هذه النجوم أصبح بإمكانهم البحث عن المزيد منها بسهولة أكبر والرجوع إلى أرشيفهم والبحث فيه عن مثل هذه النجوم.
ما زال الفلكيون يواصلون العمل على HD74423.