رصد تدفق مادي فلكي ناتج عن اصطدام مجرتين ببعضهما
قد يبدو الفضاء عرضًا مرعبًا من العنف الكوني، والآن ولأول مرة استطاع علماء الفلك رصد المجزرة الناتجة عن اصطدام مجرتين ثقيلتي الوزن.
تعاونٌ كبير بين عدد من الباحثين من مختلف أرجاء العالم أنتج الصورة الأولى على الإطلاق للتدفق النسبي للغازات والبلازما المتناثرة التي نتجت عن تصادم مجرتين ببعضهما.
رُصدت العديد من حالات اصطدام مجرتين ببعضهما سابقًا، لكن هذه المرة الأولى التي يُرصد فيها التدفق المادي الفلكي الناتج عن هذا الاصطدام، وقد يعطينا بعض المعلومات عن نشوئه.
في هذه الحالة، تمتلك كلتا المجرتين ثقبًا أسود هائلًا، ويقع كل منهما وسط مجرته، ويجذبان المادة بقوة هائلة ما يؤدي إلى توهجهما بالحرارة.
أغلب الأنوية المتوهجة تسمى نواة المجرة، ويمكن لهذه النواة أن تنتج كمية طاقة في جزء من الثانية أكثر مما يمكن لشمسنا أن تنتجه في حياتها كلها.
زهاء 15% من أنوية المجرة قادرة على أن تبعث مجرىً بلازميًا من أقطابها، وبهذا تنتج أشعة ضوئية تشبه السيف في المنطقة بين المجرية.
معظم إشعاعات الليزر الهائلة تتجه باتجاه معاكس لنا وتسمى بالنجوم الزائفة، لكن بين حين وآخر يتجه نحونا هذا الإشعاع ما يسمح لنا برصد الجسيمات النفاثة ذات السرعة القريبة من سرعة الضوء من مسافة آمنة.
وقد صادف أن مجرة TXS 2116-077 تمتلك نواة مجرية، وهذا خبر جيد بالنسبة لعلماء الفضاء الراغبين بتحليل هذه الظاهرة عن كثب.
وصف عالم الفضاء ستيفانو ماركيزي من مركز الرصد الفلكي والعلوم الفضائية في بولونيا: «عادةً، تُصدر أشعة الضوء النفاثة طاقة عالية جدًا تمنعنا من رصد المجرة التي تقع خلفها، كأنك تحاول النظر إلى جسم معين وهنالك شخص آخر يقوم بتوجيه المصباح الضوئي إلى عينيك مباشرةً، لكن هذه المرة، التدفق المادي الفلكي أضعف مما عهدناه، ما سمح لنا برصد المجرة التي كونته».
يتوقع الباحثون أن هذا الإشعاع ما يزال فتيًا، لأنه يسمح لهم برصد المجرة التي كونته وطريقة التحامها مع المجرة الثانية بسهولة، وتعد هذه الخاصية دليلًا على صغر عمر هذا الإشعاع.
توجد الأنوية المجرية ذات السطوع العالي عادةً داخل المجرات الممتلئة بالنجوم الشابة، والتي تعكس غيوم المواد المختلفة الناتجة من تكون النجوم.
الأنوية الموجودة في هذا الاصطدام صغيرة بالعمر نسبيًا، لكن حقيقة امتلاكهما كمية غازات ومواد ضبابية قليلة يقترح أن هذا التصادم ليس الأول لأي منهما.
يؤمن القائمون على هذا البحث بحدوث صراع ضخم لتستطيع غيوم الغبار والغاز أن تمطر على النواة المجرية.
وضح عالم الفضاء ماركو إيليو من جامعة كليمسون: «من الصعب جدًا أن تنتقل الغازات إلى مركز المجرة، ستحتاج شيئًا ما لهز المجرة لكي تتحرك».
في النهاية، فإن المواد الموجودة في محيط الثقب الأسود قد تُجرف أو تُبصق إلى الخارج، ما سيقود المجرة إلى فترة من الهدوء والسلام، إذ ستبرد نواة المجرة وستتوقف عملية تكوين النجوم.
لهذا الاكتشاف أثر كبير على طريقة تفسيرنا لعملية التدفق المادي الفلكي الصادر من مجرات أخرى.
ومن المعروف أن مجرتنا ستصطدم بمجرة أندروميدا في غضون 4.5 مليار سنة. الثقب الأسود في مجرتنا غير نشط حاليًا، لكن هزة خفيفة يمكن أن تقلب الموازين.
قال عالم الفيزياء فيادي باليا من المركز الألماني لتسريع الإلكترونات بدوران تزامني: «الأبحاث التي قام بها العلماء توضح أن هذا التصادم سينتج مجرة إهليجية كبيرة واحدة. واعتمادًا على فيزياء الالتحام، فمن الأرجح أنه سينتج تدفقًا ماديًا فلكيًا في المستقبل البعيد».