دراسة جديدة تشير إلى أن الكون قد لا يتوسع بالتساوي في كل الاتجاهات
إن عماد فهمنا للكون هو أن الكون يتوسع بالمعدل ذاته في جميع الاتجاهات، وإن كان كذلك، فإن ذلك سيجعله “متماثلًا” أي مهما كان اتجاه نظرنا إليه، فالكون هو نفسه، أما إذا كان الكون عوضًا عن ذلك مختلفًا في اتجاهات متنوعة، فذلك سيجعله “متباينًا”؛ وتلك نتيجة ستجبر الباحثين على إعادة النظر الموسع في علم الكونيات، علمًا أن هذه الفكرة طُرحت الآن في دراسة جديدة مثيرة للجدل، ونُشرت في مجلة علم الفلك والفيزياء الفلكية.
درس الفريق انبعاثات الأشعة السينية للغاز شديد الحرارة الموجود في 842 عنقودًا مجريًا. يُفترض أن العناقيد المجرية ذات درجات الحرارة المتشابهة والمسافات المتساوية تُظهر نفس درجة السطوع في الفضاء، لكن الباحثين رصدوا أمرًا مغايرًا لذلك.
وصرح المؤلف المشارك توماس ريبريتش من جامعة بون: «تبين لنا أن العناقيد المجرية ذات الخصائص المماثلة ودرجات الحرارة المتشابهة تبدو أقل سطوعًا مما كنا نتوقعه في اتجاه ما من الفضاء، وأكثر سطوعًا مما هو متوقع في اتجاه آخر، وكان الفرق كبيرًا للغاية ويقدر بزهاء 30%، علمًا أن هذه الاختلافات ليست عشوائية ولكنها ذات نمط واضح طبقًا للاتجاه المرصود».
بافتراض أن الفرق المرصود حقيقي، هناك سيناريوهان محتملان للتفسير وهما: إما أن هناك خطأ ما في كيفية قياسنا لخصائص الأجرام السماوية باستخدام الأشعة السينية أو أن طبيعة الكون ليست كما كنا نعتقد.
وأضاف: «إذا كان الكون متباينًا حقًا، حتى لو كان ذلك قبل بضع مليارات من السنين، فإن ذلك سيعني تحولًا كبيرًا في المنظومة المعرفية المتبعة، فعندها يجب أن يؤخذ اتجاه كل شيء بعين الاعتبار عند تحليل خصائصه، وعلى سبيل المثال فنحن حاليًا نقدر مسافة الأشياء البعيدة جدًا في الكون من خلال تطبيق مجموعة من معاملات علم الكونيات ومعادلاته، ونحن نعتقد أن هذه المعاملات هي ذاتها في كل مكان، ولكن إن كانت استنتاجاتنا الجديدة صحيحة فلن تكون المعاملات الكونية هي ذاتها في كل مكان وسيجب علينا أن نعيد النظر في جميع استنتاجاتنا السابقة».
في حين أن النتيجة مثيرة للاهتمام، إلا أن حجم العينة صغير ويلزم إجراء المزيد من عمليات الرصد لتفسير الذي يحصل بالضبط. من المهم أن نشير إلى أنه إذا كان تباين الكون حقيقيًا، فلن يقتصر وقع ذلك على قياسات الأشعة السينية فحسب بل سيمتد التأثير إلى جميع أنواع القياسات. إن التماثل هو إحدى النتائج الجوهرية لعمليات رصد الخلفية الميكروية الكونية ، وهي الضوء الأول الذي أشرق في الكون، التي يشار إليها غالبًا باسم صدى الانفجار العظيم، وذلك الضوء هو بصمة باقية لكيفية بدء الكون وكذلك كيفية تغيّره على مدى 13.8 مليار سنة مضت.
لا يعتبر ذلك حسمًا حول الطبيعة الحقيقية للكون، لكن الباحثين يعتقدون أنه إذا كان للكون تباين شديد، كما هو مقترح في هذه الدراسة، فكان يجب أن يكون مرصودًا في أحدث اكتشافات الخلفية الميكروية الكونية.
يأمل الباحثون أن تستطيع حملات الرصد القادمة – الهادفة إلى تصوير مليارات المجرات وفهم طبيعة تمدد الكون – رفع الستار عما هو مخفي.