رصد ثقب أسود يصدر ضوءًا يرتد على ذاته
تُعرف الثقوب السوداء بهذا الاسم لأن جاذبيتها قوية جدًا لدرجة أن الضوء لا يستطيع الهروب منها. برغم ذلك، تمكنا من الكشف عن وجودها، إذ إن الضوء لا يتسرب وراء أفق الحدث فحسب، بل يمكن أن يلمع بتألق مدهش حين تَسخُن المواد الداخلة إليه إلى درجات حرارة هائلة. تقترح إحدى النظريات أن بعض هذا الضوء يجب أن يكون ملتويًا حول الثقب الأسود قبل أن ينفلت، وقد رُصد هذا الأمر للمرة الأولى الآن.
يوجد في كوكبة نورما ثقب أسود تبلغ كتلته تسعة أضعاف كتلة الشمس، يدور حول نجم أصغر قليلًا من الشمس. يُعرف الثنائي معًا باسم XTE J1550-564. يتغذى الثقب الأسود على رفيقه، ما يخلق قرصًا تراكميًا (حزام من الغاز والغبار الكوني) تنبعث منه أشعة سينية مشرقة جدًا ويُعرف باسم «النجم الزائف الصغير».
دُرس الزوج باهتمام باعتبار أنهما يبعدان عنا 14,000 سنة ضوئية، وهي مسافة ضئيلة نسبيًا، وشارك في دراسته مسبار Rossi X-ray Timing Explorer التابع لوكالة ناسا، الذي انتهت مهمته قبل ثماني سنوات. وجد فريق من العلماء الآن شيئًا في البيانات المؤرشفة لانفجارات حدثت منذ 20 عامًا لم تُلاحظ من قبل.
قال الدكتور رايلي كونورز من معهد كاليفورنيا للتقنية في تصريح له: «رصدنا ضوءًا قادمًا من مسافة قريبة جدًا من الثقب الأسود يحاول الهرب، ولكن بدلاً من أن يتمكن من الهرب فإنه يُسحب من الخلف بواسطة الثقب الأسود في شيء أشبه بالارتداد. كنا قد توقعنا هذه الظاهرة في سبعينيات القرن العشرين، ولكن لم نرصدها حتى اليوم».
يتغيّر الإشعاع أثناء الانفجار على طول الطيف بمرور الزمن، ويتنقل بين ما يسميه الفلكيون الحالات اللينة والصلبة. توفر هذه التغييرات فرصةً للمراقبين لدراسة الطريقة التي يتأثر بها الضوء الصادر من القرص التراكمي بالجاذبية إذ تكون الدراسة غير ممكنة إذا كان يسطع بانتظام أكبر.
كان الفلكيون واثقين من المبادئ العريضة المتعلقة بسلوك الضوء في مثل هذا المجال الجاذبي القوي، لكنه ثقتهم كانت أقل في تقديرات نسبة الإشعاعات التي تنحني بهذه الطريقة. في «المجلة الفلكية»، أبلغ كونورز والمؤلفون المشاركون أن نحو 5% من الأشعة السينية المنبعثة من القرص التراكمي الداخلي تخضع لهذا الانحناء الشديد، بما يتفق مع النماذج النظرية.
بالإضافة إلى تأكيد الأشياء التي كنا نشتبه بها بالفعل، يعتقد الفريق أنه يمكن استخدام اكتشافهم للبحث في دوران الثقوب السوداء. قال كونورز: «نظرًا لأن الثقوب السوداء تستطيع الدوران بسرعة كبيرة، فإنها لا تحني الضوء فحسب، بل تحرفه أيضًا». يُعقد الأمل على أن تساعد الملاحظات المستخلصة من XTE J1550-564 والأجسام المشابهة له في فهم سرعة دوران الثقوب السوداء والقوى التي تحدد ذلك.