عندما قرأت كتاب (كنت شيوعيًا) لبدر شاكر السياب، لم أتمكن إلا أن أعجب أشد الإعجاب بتمسك الرموز الشيوعيين بمبادئهم وتضحيتهم في سبيلها! رغم أن السياب كتب كتابه لقدحهم والتجريح فيهم! وربما تملقًا للسلطة في حينها. وعمومًا، لا يمكن لأي شخص لديه حس إنساني فوق المتوسط إلا أن يُعجب بالشعارات الجميلة للشيوعية، عدالة وسعادة ورفاه ومساواة وأممية ووعود أخرى رائعة. لكنها وللأسف تبقى مجرد وعود أو في أحسن الحالات، تحقيق لبعض هذه الوعود دون الإستمرار حتى النهاية.
مشكلة الشيوعية لم تكن أبدًا في التنظير بل في التطبيق، حتى الآن ليس هناك نموذج ناجح يمكن الاقتداء به.
قد تكون مشكلة الشيوعية إنها نموذجية أو مثالية بدرجة تجعلها غير ملائمة لواقع هؤلاء البشر، ربما تناسب أحلامهم وطموحاتهم وتدغدغ مشاعرهم فقط. هي أشبه بالهدف المستحيل الذي يجب أن تسعي في سبيل تحقيقه رغم علمك باستحالة تحقيقه، والفائدة من هذا الحلم هو جعلك في حالة سعي دائم وتقدم مستمر.
أنا أفهم وأتوقع وأتقبّل أن يضحي المؤمن، مهما كان دينه وطائفته، أن يضحي بحياته في سبيل مبادئه وتحقيق أهدافه، ببساطة لأنه يؤمن بجنة عرضها السموات والأرض في حياته الثانية، وهي جائزة كبيرة وتعويض مُجزي للتضحية. ولكن سؤالي رغم الإطالة هو: ما الذي يدفع الشيوعي للتضحية بحياته في سبيل سعادة أناس آخرين؟ على فرض إن أغلب شهداء الشيوعية الكبار لا يدينون بدين ولا يؤمنون بجنة ولا بنار.
برأيي الدافع الإنساني وحده لا يكفي للتضحية بالنفس لمن لا يؤمن بالحياة الثانية. فلماذا إذن يضحون؟!
تحياتي للجميع..