بينما يتسابق العلماء لتطوير لقاحات وعلاجات لكوفيد-19 هناك دواء واحد حظي باهتمام عالمي كبير في الآونة الأخيرة يدعى رميديسفير، حيث منحت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) قبل أربعة أسابيع ترخيصًا لاستخدامه في حالات الطوارئ لمصابي فيروس كورونا المستجد.
ما هو عقار رميديسفير ؟
تم تطوير رمديسفير من قبل عملاق الأدوية الأمريكية غيلياد ساينسز، وهو لقاح مضاد للفيروسات حيث لا يعمل على قتلها وانّما تثبيط نموها ومنع تكاثرها. كان يهدف في الأساس إلى مكافحة فيروس الإيبولا عندما تفشّى بين عامي 2013 – 2016 بأفريقيا، لكن أظهرت البيانات السريرية أنّه أقل فاعلية من الأدوية الأخرى وتم وضعه في رفوف الأدوية الفاشلة.
وعلى الرغم من إخفاقاته الأولية في مواجهة فيروس الإيبولا، كانت لدى غيلياد بيانات وافرة من التجارب السابقة تُثبت أنّه فعّال ضد كل من المتلازمة التنفّسية الحادة الوخيمة “السارس” ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية “الميرس“، ويتم اختباره بالتجارب السريرية في الفترة الحالية كعلاج مُحتمل لفيروس كوفيد-19، والنتائج المبكّرة من هذه الاختبارات تجعل السلطات الصحّية تشعر بتفاؤلٍ شديد.
وفي هذا المقال نلقي نظرة عامة على كيفية عمل هذا الدواء، الجدول الزمني لاختباره، ولماذا يمكن أنْ يكون فعّالًا ضد فيروس كورونا المستجد.
كيف يعمل رميديسفير ؟
بطريقة مشابهة لمعظم الأدوية المضادة للفيروسات، يعمل رميديسفير عن طريق منع فيروس كوفيد-19 من عمل نُسخ منه. فبدلًا من حجب المستقبلات الفيروسية، يذهب اللقاح مباشرة إلى نواة الفيروس لتعطيل الرنا الخاص به (RNA) وإنزيم البوليميراز الذي يستخدمه لعمل نُسخ من نفسه. يعتبر الرميديسفير هو نظير النيوكليوسيد الذي يُحاكي الأدينوزين- أحد كتل البناء الأربعة للـ RNA و DNA- عندما يصيب الفيروس خلية ما ويبدأ في عمل نُسخ من نفسه، يدخل الرميدسيفير في الجينوم الفيروسي بدلًا عن الأدينوزين.
أثناء محاولة الفيروس عمل نُسخ من الحمض النووي الريبوزي الخاص به يوقف الرميديسفير المتخفّي كأدينوزين عملية النسخ المتماثل في مسارات الفيروس. قد يكون للعقار ميزة أخرى وهي ضعف إمكانية إيذاء الخلايا الأخرى للمريض، لأنّه يستهدف الفيروس فقط. وأحد الأسباب التي تجعل رميديسفير واعدًا في شفاء مرضى كوفيد-19، هو استهدافه بشكل خاص البوليميراز الفيروسي، حيث لا ينبغي أنْ يكون له آثار سلبية على الخلايا.
هل رميديسفير فعال حقًّا ؟
عندما انتشر فيروس كوفيد-19 على مستوى العالم والذي حصد أكثر من 300 ألف وفاة، تمت إزالة الغبار أخيرًا عن عقار رميديسفير واستخدامه كدواء حديث لعلاج بعض المرضى الأوائل في الولايات المتحدة. أظهرت البيانات المأخوذة من تجربة الدواء والصادرة عن المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية (NIAID) أنَّ مرضى كوفيد-19 الذين تناولوا رميديسيفير عادةً ما يتم شفاؤهم بعد 11 يوم. بينما استغرق أولئك الذين لم يتناولوا الدواء في المتوسط 15 يومًا للتعافي.
أول مريض بكوفيد-19 تم الإبلاغ عنه في الولايات المتحدة، كان رجلًا يبلغ من العمر 35 عامًا زار مدينة ووهان الصينية. وبدأت أعراض متوافقة مع أعراض الفيروس في أوائل يناير/ كانون الثاني تظهر عليه بعد فترة وجيزة من عودته إلى المنزل. ساءت حالته بشكلٍ ملحوظ بعد ستة أيام من حجزه في المستشفى، وأصيب بالالتهاب الرئوي الحاد لدرجة أنّه احتاج إلى جهاز التنفّس الصناعي من أجل البقاء على قيد الحياة. طلب أطباء المريض الإذن باستخدام دواء رميديسفير لعلاجه، وفي غضون يوم واحد فقط تحسّنت حالته كثيرًا.
تم أيضًا علاج ثلاثة من أول 12 مريض بكوفيد-19 في الولايات المتحدة بعد الإذن باستخدام الدواء معهم، حيث كان من المستحيل معرفة ما إذا كان هؤلاء المرضى سيبقون على قيد الحياة من دون استخدام هذا الدواء.
لكن ليس الجميع مقتنعًا بأنَّ رميديسفير سوف يكون هو الحل، حيث توصّلت دراسة في الصين نُشرت قبل أربعة أسابيع في الدورية الطبية ذا لانسيت إلى أنَّ الدواء لم يكن فعّالًا لمرضى كوفيد-19 الذين هم في حالات حرجة.
ماذا بعد ذلك … ؟
يشير علاج بعض الحالات المبكّرة إلى أنَّ رميديسفير قد يمثّل خيار علاج قابل للتطبيق، لكنْ يحتاج إلى مزيد من الدراسةـ فعلى الرغم من اعطاء (FDA) إذنْ الترخيص لاستخدامه في حالات الطوارئ، لكنّه لم يدرس بشكلٍ شامل مثل بقية الأدوية المعتمدة من قِبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، كما لم تتم مراجعة نتائج دراسة المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية بواسطة الخبراء والأطباء المتعلّقة بتجربة الدواء على المرضى.
حتى بعد إذن الموافقة لاستخدام رميديسفير، ستواجه غيلياد تحديات الإنتاج والتوزيع، فمن شبه المؤكد بأنَّ الطلب على الدواء سيكون مرتفعًا جدًا. حيث أعلنت الشركة يوم 23 مارس/ آذار أنّها قلّلت من استخدام رميديسفير في تجاربها السريرية وتقليص الاستخدام الرحيم على المرضى بسبب الطلب الكبير على الدواء.
أخيرًا، إنَّ عقار رميديسفير يمثّل خيارًا جيّدًا للمصابين بهذه الجائحة لقدرته على تقليص مدة الشفاء إلى 11 يوم بفارق أربعة أيام عن متوسّط مدة الشفاء الطبيعية. لكنّه يحتاج إلى مزيد من الدراسات والتجارب السريرية ليكون أكثر فاعلية وجودة في علاج المرضى.
عاصم محمد - اراجيك