كربلاء قبل الهجرة النبوية
(قبل 622 ميلادي )
أعطى الموقع الجغرافي والبيئي المتميز لكربلاء أهمية خاصة منذ أقدم العصور . وهي تنتمي إلى حضارة الأقوام السامية في العراق لا سيما البابليين منهم ، وذلك لقربها من بابل . وكانت جسراً للهجرات السامية والعربية بين بلاد الشام والجزيرة العربية وبين سواد العراق . وهي أول مركز أستيطان سامي عربي في منطقة الفرات الأوسط ، وملتقى الطرق البرية الرئيسية عبر منطقة عين التمر بأتجاه كافة البلدان. إن موقعها في الجنوب الغربي لمدينة بغداد وقربها من مجرى نهر الفرات ، ووجودها داخل منطقة مناخية معتدلة ، لا في أقصى جنوب العراق ولا في أقصى شماله ، إضافة لأراضيها الخصبة الصالحة للزراعة ، قد جعلها موقع جذب لبعض القبائل والجماعات والقوافل التي كانت تتجول في القسم الشرقي من شبه الجزيرة العربية ، مما جعل منها أيضاً مركزاً لتجمع سكاني قبل ظهور الإسلام بفترة طويلة .
وقد وجدت لفظة كربلاء في المنحوتات الأثرية البابلية التي عثر عليها الباحثون الاثريون. فقيل أنها منحوتة من كلمة « كور بابل » وهي تعني مجموعة قرى بابلية قديمة أشهرها وأكبرها (نينوى) التي تقع إلى الشمال الشرقي من مدينة كربلاء الحالية وهي غير نينوى عاصمة الأشوريين التي تقع في شمال العراق قرب مدينة الموصل وكانت قرية عامرة في العصور القديمة ،
سكنها الساميون. وهي الآن سلسلة تلال أثرية ممتدة من جنوب سدة الهندية على نهر الفرات التي تبعد عن كربلاء الحالية بنحو 30 كلم حتى مصب نهر العلقمي في الأهوار القريبة من مدينة كربلاء وتعرف (بتلال نينوى) .
وجاء في كتاب (مراصد الإطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع) ما نصه:
« إن بسواد الكوفة تقع ناحية تسمى (نينوى) منها كربلاء التي قتل فيها الإمام الحسين (ع) » .
وقد جاء في كتاب (بغية النبلاء في تاريخ كربلاء) ، أنه يوجد على بضعة أميال في القسم الشمال الغربي من مدينة كربلاء ،
أطلال وأكم قيل أنها كربلاء الاصلية . والجدير بالذكر أنه قبل سني الحرب العالمية الأولى
كان بعض الأفراد من المناطق المجاورة لهذه المنطقة يستخرجون من هذه الأطلال طابوقاً (آجر) مسطحاً كبيراً
يطلق عليه محلياً بالطابوق الفرشي يحملونه إلى كربلاء .
وأستمرت كربلاء على أزدهارها في عهد الكلدانيين فقد ذكر المستشرق الفرنسي لويس ماسنيون في كتابه (خطط الكوفة)
إن كربلاء كانت قديماً معبداً للكلدانيين في مدينة تدعى (نينوى) . كهوف الطار
وقد اسفرت التنقيبات الأثرية عن أكتشاف آثار ومواقع كثيرة على أراضي كربلاء أقدمها مجموعة من كهوف
ومغارات أصطناعية تقع على الكتف الأيمن لوادي الطار الذي كان يمثل نهر الفرات القديم قبل أن توجد بحيرة الرزارة .
ويبلغ عددها 400 كهف تقريباً. وتبعد هذه الآثار عن مدينة كربلاء الحالية حوالي 30 كلم إلى الجنوب الغربي في منتصف الطريق بين كربلاء وقصر الأخيضر بأمتداد الهضبة الغربية الصحراوية.
وقد قام الإنسان بنحتها وحفرها في حدود سنة 1200 قبل الميلاد ،
وربما أستخدمت لأغراض دفاعية أول الأمر ، ثم أتخذت قبوراً فيما بعد .