TODAY - October 05, 2010
تمسك المالكي بالسلطة عمق الانقسامات في العراق.. ووعوده بـ«الوحدة» لم تتحقق
السنة يشعرون بالغضب والخوف واليأس.. وبعضهم: إما ترك البلد أو الانضمام للجماعات المسلحة
بغداد: ستيفن لي مايرز*
عندما بدأ نوري المالكي حملة إعادة انتخابه رئيسا للوزراء - قبل عام - تعهد بالعمل على توحيد العراقيين الذين تقسموا وأصبح لدى كل منهم شكوك تجاه الآخر بعد سنوات من الحرب. لكن المالكي لم يف بوعده، ويكاد يكون هو المسؤول الوحيد عن حالة الانقسام، وهو الأمر الذي قد تظل عواقبه تطارد العراق لسنوات قادمة.
وقد ساهم تنقية قوائم الانتخابات، وتحدي نتائج الانتخابات غير الحاسمة، والتأخير في تشكيل حكومة جديدة في تعميق الانقسامات العرقية والطائفية والاجتماعية في هذه الدولة الديمقراطية الحديثة والضعيفة.
ويخشى زعماء السنة على وجه الخصوص من احتمال استبعادهم مرة أخرى.
وقال أثيل النجيفي، وهو سني يشغل منصب محافظ نينوى، أول من أمس الأحد: «إن السنوات الأربع الماضية كانت مليئة بالظلم والاضطهاد».
واتهم النجيفي المالكي بسوء استغلال السلطة من خلال اعتقال المعارضين والضغط على المحاكم وتعيين وفصل أفراد الأجهزة الأمنية على أساس الهوية الطائفية - وهي ممارسات يقول النجيفي، إن المالكي لم يوقفها حتى الآن، رغم أنه يرأس حكومة مؤقتة لتسيير الأعمال لا تتمتع بتفويض البرلمان ولا يشرف البرلمان على عملها: «استمرار المالكي كرئيس للوزراء سيخلق ديكتاتورية في العراق».
وحتى خطط إجراء تعداد هذا الشهر تعرقلت بسبب هذه الانقسامات. أول من أمس، أصدرت حكومة المالكي قرارا بتأجيل إجراء التعداد - الأول منذ سنوات - حتى ديسمبر (كانون الأول) بعد احتجاجات أبرزت المخاوف من أن الحساب الدقيق لتعداد السكان سوف يؤجج الانقسامات، لا سيما في مناطق مثل كركوك ونينوى التي يسكنها العديد من العراقيين ويوجد بها نزاعات على الأرض.
والتحدي الذي يواجه المالكي الآن هو التغلب على الانقسامات والشكوك - بين السنة قبل كل شيء - التي عانى منها العراق منذ إنشائه في عام 1920 تحت الحكم البريطاني. وعلى الرغم من أن المالكي اطمأن على قيادة الحكومة المقبلة، فإن ذلك قد يستغرق أسابيع أو أشهرا لكي يتمكن من إقناع السنة بالانضمام إلى الحكومة.
وقد ضمن المالكي الترشيح لفترة ولاية ثانية مدتها أربع سنوات يوم الجمعة الماضي، لكنه تمكن من تحقيق ذلك من خلال الحصول على الدعم من عدد قليل من زملائه الشيعة، ولا سيما أتباع رجل دين المتشدد مقتدى الصدر، الذي كان متورطا منذ وقت طويل في قتال أغرق العراق في حرب أهلية.
وخاض المالكي، الذي خسرت كتلته انتخابات مارس (آذار) الماضي بفارق ضئيل لصالح ائتلاف علماني وسني إلى حد كبير بقيادة إياد علاوي، معركة كبيرة من أجل استعادة منصبه وقد أدى ذلك إلى نفور العديد من حلفائه المحتملين حتى في الحكومة.
أما بين السنة في العراق فإن الموقف حاد ومثير للقلق، بالنظر إلى تهميشهم وحرمانهم من حقوقهم وهو ما قدم لتنظيم القاعدة وغيرها من الجماعات المتطرفة السنية الدعم.
والخريطة الانتخابية لمحافظة نينوى، مثلها في ذلك مثل كل العراق، تتبع الخطوط الفاصلة التي تقسم البلد والتي يمكن أن تمزقها بعنف أو بأي شيء آخر.
وقد فاز تحالف علاوي، كتلة العراقية، بأغلبية المقاعد، 31 مقعدا، خارج المنطقة الخاضعة لسيطرة الأكراد وشبه المستقلة والتي لا يستطيع النجيفي حتى زيارتها. ولم يفز تحالف دولة القانون بمقعد واحد في هذه المدينة. والشيء نفسه ينطبق على المحافظات السنية مثل الأنبار وصلاح الدين، فقد فاز ائتلاف المالكي بمقعد واحد فقط شمال بغداد في محافظة ديالى. وفي المقابل، فإن المالكي ومنافسيه الشيعة الرئيسيين فازوا بأغلبية ساحقة في جميع محافظات الجنوب ذات الأغلبية الشيعية، في حين حصل علاوي على عدد قليل جدا من المقاعد في هذه المناطق.
وقد تم تقسيم بغداد، كما حدث في مدن مثل كركوك وديالى، ومثل الأحياء والتي لا تزال حتى الآن، وعلى الرغم من تحسن الوضع الأمني، تعرف بالسنية أو الشيعية ويفصل بينها نقاط تفتيش وجدران يشعر الغرباء بالقلق عند المرور عبرها.
وقد سادت حالة من الغضب والخوف واليائس مناطق السنة الأحد الماضي، وألقي الكثير باللوم على إيران واتهموها بالتخطيط لسيطرة الشيعة على العراق متعدد الطوائف والعرقيات، واتهم الكثيرون المالكي باللجوء إلى النفعية السياسية للحفاظ على بقائه في السلطة، بدلا من ممارسة القيادة الوطنية.
وفي منطقة الأعظمية في بغداد، قال صهيب أبو فرح، الذي يعمل بموقف للسيارات، إن بقاء المالكي لأربع سنوات أخرى سيعكر الأجواء في الشارع العراقي: «الخيار الوحيد للعراقيين، هو ترك العراق أو الانضمام إلى الجماعات المسلحة للحصول على المال».
وكان من المفترض أن تؤدي الانتخابات البرلمانية - وهي الثانية منذ الغزو الأميركي في عام 2003 - إلى تخفيف حدة الانقسامات الطائفية التي ظهرت بعد سقوط نظام صدام حسين، إن لم يكن طمسها بالكلية.
وإلى حد ما، سعت كل الأحزاب والكتل الكبرى لجذب دعم الناخبين خارج قواعدهم، والتي تعرف ليس من خلال الأيديولوجية ولكن من خلال الهوية. وكانت «الوحدة الوطنية» هي الشعار، ولكن عندما تم فرز جميع الأصوات - ثم أعيد فرزها وأخيرا تمت المصادقة عليها منذ أشهر - انتصرت الهوية. وفي مقابلة معه هذا الصيف، أعرب المالكي عن خيبة أمله لأنه عندما يتعلق الأمر بالطائفية فإن البلد تعود إلى «نقطة الصفر».
وبطبيعة الحال، فإن جميع الأطراف تلوم بعضها البعض على انتشر الفكر الطائفي، ولكن نتائج الانتخابات جعلتها حتمية. وأحد أسباب عدم تشكيل الحكومة حتى الآن هو أن المالكي قضى السبعة أشهر الماضية في حشد الدعم لترشيحه بين الشيعة، وتجاوز تحدي منافسيه على المنصب، بما في ذلك نائب الرئيس عادل عبد المهدي. وقد تمكن المالكي الآن من حشد دعم ما لا يقل عن 148 عضوا من أعضاء البرلمان الجديد، البالغ عددهم 325 عضوا، لترشيحه، وإذا تمكن من الحصول على دعم الأكراد، الذين يسيطرون على 57 مقعدا، يمكنه بسهولة تشكيل الحكومة الجديدة مع استبعاد السنة بالكامل. وهذا هو أكثر ما تخشاه الولايات المتحدة والكثير من العراقيين.
الشرق الاوسط