لقد ورد ذكر رسل النبي صلى الله عليه وسلم وهم سفراؤه في المصادر المعتمدة، وأوفى من عدَّدهم الإمام النووي في كتابه "تهذيب الأسماء واللغات" فقال: أرسل صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضمري إلى النجاشي، فأخذ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضعه على عينيه، ونزل عن سريره، فجلس على الأرض ثم أسلم حين حضره جعفر بن أبى طالب وحسن إسلامه.

وأرسل صلى الله عليه وسلم دحية بن خليفة الكلبى بكتاب إلى هرقل عظيم الروم، وعبد الله بن حذافة السهمي إلى كسرى ملك فارس، وحاطب بن أبى بلتعة اللخمي إلى المقوقس ملك الإسكندرية ومصر، فقال خيرًا وقارب أن يُسلم، وأهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم مارية القبطية، وأختها شيرين فوهبها رسول الله صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت.

وأرسل عمرو بن العاص إلى ملكي عُمان فأسلما، وأرسل سَليط بن عمرو العلوي إلى اليمامة إلى هوذة بن على الحنفي، وأرسل شجاع بن وهب الأسدي إلى الحارث بن أبى شمر الغساني ملك البلقاء من أرض الشام، وأرسل المهاجر بن أبى أمية المخزومي إلى الحارث الحميري، وأرسل العلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوى العبدي ملك البحرين فصدَّق وأسلم، وأرسل أبا موسى الأشعري ومعاذ بن جبل إلى جملة اليمن داعين إلى الإسلام، فأسلم عامة أهل اليمن ملكوهم وسوقتهم.

ولكن الإمام النووي لم يذكر جرير بن عبد الله البجلي مع جملة من ذكرهم من رسل النبي صلى الله عليه وسلم، وذكره غيره من ثقات المصنفين في مصادرهم المعتمدة، ولا شك في أنَّ جريرًا أحد رُسل النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أرسله النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذو الكلاع وذو عمرو في اليمن.

وقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم عمرو بن حزم الأنصاري إلى بني الحارث بن كعب في نجران رسولًا ليفقّههم في الدين، ويعلمهم السُنَّة النبوية ومعالم الإسلام، كما كان جعفر بن أبي طالب أحد المهاجرين الأولين إلى أرض الحبشة، ومعه كتاب نبوي إلى النجاشي ملك الحبشة، وقد أدى واجبه سفيرًا نبويًا بما لا يقل عن رسل النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن المصنفين أغفلوا ذكره في قائمة الرسل النبويين إلى الملوك والأمراء في تلك الأيام.

إضافة إلى ذلك يوجد رسول أخر لم يدرج اسمه في قائمة رسل النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الحارث بن عمير الأزدي الذي أرسله النبي صلى الله عليه وسلم إلى ملك بُصرى الغسَّاني، فعرض له شُرحبيل بن عمرو الغسَّاني وضرب عنقه، إلا أنَّ النص على سفارته جاءت عرضًا في معركة مؤتة باعتباره السبب المباشر لهذه الغزوة المشهورة، حيث بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر قتله فاشتد عليه وندب الناس، فكانت معركة مؤتة.

لقد بلغ عدد السُفراء النبويين خمسة عشر سفيرًا، أُستشهد واحد منهم فقط وهو في طريقه إلى ملك بُصرى، فقتل قبل أنْ يُبلّغ رسالته النبوية، ومُزّقتْ رسالة نبوية واحدة، ولم تمزّق رسالة غيرها من رسائل النبي صلى الله عليه وسلم حتى من الذين لم يُسلموا، ورفض اعتناق الإسلام بشدة وبالتهديد ملك الفرس، والحارث بن شمر الغسَّاني ملك الغساسنة في الشام، وصرف بالحسنى السفير النبوي كل من هرقل قيصر الروم والمقوقس ملك مصر، وقدم هدية للنبي صلى الله عليه وسلم.

ومعنى ذلك أنْ أربعة من الملوك بقوا على دينهم ولم يُسلموا، إلا أنَّ ملكين منهم صرفا سفيري النبي صلى الله عليه وسلم بالعنف، وملكين منهم صرفا سفيري النبي صلى الله عليه وسلم بالحسنى، وقد أسلم الملوك الآخرون[1].


[1] النووي: تهذيب الأسماء واللغات، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 1/ 30، ومحمود شيت خطاب: سُفراء النبي صلى الله عليه وسلم، دار الأندلس الخضراء للنشر والتوزيع، السعودية، جدة، الطبعة الأولى، 1417هـ= 1996م، ص12- 18.

قصة الإسلام