.
إن كان ثمّة حياة!
…..
مسافرٌ بلا قرارٍ ولا بيتٍ يدومُ،
يتنفسُ بالكادِ سنواتٍ قليلةً ثمّ يسقطُ. كلُّ عِرقٍ صارمٌ: الأجدادُ خرافةٌ، سطوةُ الأبِ الغاشمةُ، ماذا عنّي الآن؟! مشيتُ هذه السنواتِ ولم أنظرْ ورائي؛ بأفكارٍ تطيشُ في الفراغِ المُسمَّى صحراءَ، في نفسي التي ارتجلتُها لأرضيَ فضولَ الأهلِ عن الطّاعةِ.
نخلةٌ في البعيدِ صنعتني على مهلٍ، فوضي الدروبِ وضعتني بأوّلِ الكلامِ وفتنةِ الكتبِ، فالسنواتُ ضربتني خلسةً، ولستُ أوّلَ البدوِ ولا آخرَ الممسوسين.
بلهجاتٍ تحت لساني أعبرُ متاهةَ الحياةِ: بسيطًا، عجولاً وخافتًا كصفيرِ قطارٍ بعيدٍ. فتشتُ جيوبي لعلَّ محارًا عَلِقَ بها من حياتي السابقةِ.
يا ربي! كيف نَمَتْ هذه الحياةُ طحلبًا حول البئرِ العظيمةِ ولم أجذبْ العالمَ من أذنيه كبعيرٍ مخطومٍ؟! كأنني كنتُ يومًا تاجرَ نوقٍ أضعُ في كلّ بلدٍ بذرةً، أزورها كلّما سَنَحتْ فرصةٌ، أبصُّ للحيطانِ العاليةِ والقبابِ الشاهقةِ مبهورَ الأنفاسِ لا أعلقُ بها خوفَ الفتنةِ والفقدِ.
كلما رمتني امرأةٌ بتفاحةٍ، زادَ العطشُ والهيامُ؛ وبكيتُ منْ مررنَ بي وتركنَ في جسدي ندوبًا، هذا عن البيتِ! فماذا عن البدويِّ ورعبِ التكنولوجيا؟!
منقوول