.
أكثر لهفةً من النَّحَوي
يكون البنّاءُ حين يفكّر بسقوف أيامه
يسرحُ طويلاً في الجدران
ثم يغضِبهُ ملمسُ الحجر
واشتقاقُ الرَّمل من قلبِ الأرض القاسي
ربّما يفكّر بصورةِ من يسكن الغرف
التي أكلت من كتفيه وجعاً كثيراً
وقد يحدّث أولاده عن فتوّةِ البيت
حين يركن إلى شيخوخة جارحة
أكثر لهفةً من البنّاء أنا
حين أجد يدي باردة
لا منزل لها سوى يدك
التي تهتف بالعصافير المبتلة
أن تهرب من السور
إلى قلب الرجل الذي ينتظرك مرتعشا
ويفكّر بالعصافير
حاملة موقداً طازجاً
وامرأة تقرأُ في كتاب اللهفة
لم أجدْ حصيراً أكتب عليه الفكرة
ومع ذلك أذعنتُ لك
للطفل الذي نصحَني أن أدفنها في التراب
وأنتظرَ ولادة العشب الذي ينام هناك
أليس ذلك هو الشِّعرُ أيها البلغاء ؟
ألا يمكن أن أكون عاشقاً بكل هذا الترف
حين أكون مطيعا ً
مثل ولدٍ ينتظر أمّه على الناصية ؟
ليس بي طاقة
أن أتحمَّل الحزن الذي ينام في وجه الضيف
وهذه الأسئلة التي تجعلني أتوقف
لأفتش عمّا يبهجني
كأن افكّر بعطبٍ
يصيبُ ساعة الجدار في غرفة نومي
أو بأُغنيةٍ رخيصةٍ
أتشاغل بها عن سبب حزنه
أنا سعيد يا ألله
لا أسأل أحداً عن بيتي
حين أضيع في الطرقات
ولا أنظر إلى صورتي في المرايا
ولعلي حزين رغم سعادتي الباذخة
لأنّي أعرف
أنَّ النقطة السوداء في قلب العالم
لم تكن سوى شامة أفلتت من يد الله
عندما قرّر أن يجمّل بها وجنةَ حوّاء
فاتَّقاها آدمُ بيده
بذريعة أنَّه لايحبُّ النشازَ
في وجهِ حبيبته الأولى
سعيدٌ
و ما أطلبه منكم
ألاّ تذكِّروني بالغبار الذي يعلو ظهر الخزانة
فقد وضعت هناك
أشياء حملتها إلى البيت سهوا
وعلي أن أحسن التغاضي
ريثما أتذكر أين امضي بها
حين تنبت لها جذور
وتصير لها أسماء
___
عمّان / 2015
منقوول