.




بيتٌ في سانتوريني
…..
يومًا ما ستجِفُ أرضيةُ حمَّامي الزرقاء، وتَفرَغُ كلُّ دواليبي من الملابس ..
ستنطفِئُ كلُّ اللمباتِ الموفِّرةِ في منزلي تدريجيا .. كَرَاسي السفرةِ ستوقِنُ لحظتَها أنها لم تكُن بالأهميةِ الكافيةِ لتستنفذَ كلَّ هذه المساحةِ طوالَ الوقت .. الأحذيةُ ستركضُ لتصِلَ إلى وِجهتِها الخاصة .
العرباتُ المدرَّعةُ ستكونُ في طريقِ العودةِ بعد أن صدَّتْ هجومَ الكائناتِ الفضائيةَ .. الشمسُ الصغيرةُ ستسقُطُ ببلاهةٍ في حوضِ الاستحمامِ الأبيض.
الطائراتُ ستنزلِقُ في المهبطِ الخاصِ بها؛ ليرتاحَ الطيارونَ وليشربوا نَخْبَ نهايةِ الفيلم.
سأكونُ هناك ..في سانتوريني .. (*)
الديكورُ لن يكونَ مُتقَنا أكثرَ مِن ذلك .. سأرتدي (مايوه) مِن قطعةٍ واحدةٍ كما يليق بعجوزٍ في السبعينَ تتحدثُ اليونانيةَ بطلاقة .. سأنسَى الإنجليزيةَ تماما ولن أهتمَّ بالفارقِ بين حرفَيْ b , p .
أَجمعُ كلَّ أخطائي في علوم النحو والصرف وأضعُها في فازةٍ كبيرةٍ لتنبتَ لغة جديدة متحررة مِن كل القيود.
أَهجُرُ كلَّ الأمكنةِ، ولا آخذُ معي سِوى ربطةٍ صغيرةٍ مِن الريحان، أُجَفِّفُها وأَنثُرُها في شَعري لتنبتَ شجيراتٌ صغيرةٌ مِن الريحان، ألتقِطُ منها الريحانَ لأفركَه فوق طبقِ الجبنِ الصغير كلما شعرتُ بالجوع.
أُتابِعُ رقصَ فتياتِ الشاطئ، وأَدْعَكُ كعبَيَّ بالرمالِ ليصيرا أكثرَ نعومة .. بعد دقائقَ تحتدِمُ الرقصةُ فأنهضُ لأرقصَ مَعهنَّ دون اهتمامٍ للجسدِ المترهلِ أو لخطوط السيلوليت المضيئةِ أو لحقلِ الريحانِ الصغيرِ النابتِ في رأسي.
أحكي لهُنَّ حكاياتِ “ألف ليلة وليلة” الفاحشةِ فيَضحكْنَ وتهتز الأفخاذُ الناعمةُ والصدورُ الصغيرةُ اللامعةُ وأبتسِمُ أنا مِن حِنكةِ العجوزِ وخُبثِها، وأفتحُ المزيدَ مِن صناديقِ الحكايات .
في المساءِ أبني بيتا أبيضَ صغيرا بقبابٍ دائريةٍ على الطراز السانتوريني، شرفاتُه مضاءةٌ بشموعِ اللافندر والفانيليا، وأحمِلُه لنجلسَ معا على فوهةِ البركانِ وننتظر.
……………..
(*) سانتوريني أو santorini جزيرة بركانية صغيرة في اليونان تقع في بحر إيجة الجنوبي

منقوول