وللسَّفُّودِ(1) نارٌ لو تلَقَّتْ
بجاحِمِها حَديدًا ظُنَّ شَحْما
ويَشْوي الصَّخرَ يترُكُه رَمادًا
فكيفَ وقد رميتُكَ فيه لَحْما؟!
خصومة الرافعي والعقاد من أشهر الخصومات الأدبية في تاريخ العربية؛ والحقيقة أن الرافعي وضع العقاد على السَّفُّود وتم تسفيده وتقليبه على النار حتى فاحت منه رائحة الشواء.
الرافعي في كتابه سليط اللسان لا يحجمه أدب ولا غيره، وقد اعترف لاحقًا بأن في الكتاب ما لم يكن ينبغي قوله.
لاذع في نقده لكنه محق، وقد سلط الضوء على بعض الققرات شديدة الركاكة في ديوان العقاد، والكثير والكثير من السرقات الشعرية الواضحة والملتوية أخرجها من ديوانه، وللحق فكل ما قاله صحيح أو على شيء من الصحة.
مع العلم أن العقاد في هذا المقام ليس عقاد العبقريات والكتب الفكرية الكثيرة في الإسلام، بل هو العقاد الشاعر المتكبر الذي ينتقد الجميع بسبب أو بدون سبب.. والسبب الأكبر الذي دفع الرافعي لكتابة هذا الكتاب هو التقليل من شأن العقاد وإثبات أنه لا يفهم شيئا من البلاغة والبيان بالاستناد إلى ديوانه؛ لأن العقاد لم يعجبه إعجاز القرآن للرافعي وأنه كان ينكر إعجاز القرآن من الأساس، ومما ورد على لسانه استخفافه بسورة الناس وأنه يستحي أن تنسب له!
نشأةُ الرافعي صقلت أسلوبه فكان قويًا بالفطرة بدون تكلف. من يقرأ هذا الكتاب يدرك أن الرافعي أوتي من البلاغة والبيان والمعرفة باللغة ما لم يؤتَ لأحد في عصره. ينقد فيحسن النقد، يقف على جيد والسيئ من الشعر، ذو ذائقة أدبية ولغوية عالية. هو حقًا إمام من أئمة الأدب واللغة في عصره.
السَّفُّود
هو: الحديدة التي يشوى بها اللحم، والجمع سفافيد.