TODAY - 04 October, 2010
مأزق مهنة يؤكد مسؤولوها أنها باقية
البوسطجية اشتكوا.. ثورة الاتصالات متهمة بالتآمر على مراسيل الغرام
التواصل عبر الإنترنت ألغى عمل البوسطجي
القاهرة - دار الإعلام العربية
شخصية فريدة من نوعها، تتحدد محبتها أو كرهها بما يحمله، فهو فأل الخير إن كانت حقيبته المكدسة تحوي خطاباً من حبيب غائب، أو نبأً سعيداً.. بينما تجده مكروهاً وبغيضاً ولا ينفح "بقشيشاً" إن كان يحمل أخباراً سيئة، أو إخطاراً من مصلحة الضرائب، أو أية مطالبات حكومية.
هذه هي الشخصية النمطية لساعي البريد الذي بات مستقبله مهدداً تحت ضربات التقنية الحديثة، بحسب ما اشتكى إلى عدد من سعاة البريد المصريين.
صناديق البريد عبر العصور
ولأهمية هذه المهنة على مدى القرن الماضي، تغنت المطربة رجاء عبده قبل 55 عاماً بأغنيتها الشهيرة "البوسطجية اشتكوا" ضمن أحداث فيلم "الحب الأول" الذي أخرجه جمال مدكور في عام 1945، التي يقول مطلعها "البوسطجية اشتكوا من كتر مراسيلي"..
كما أفردت السينما المصرية لشخصية ساعي البريد فيلماً كاملاً بعنوان "البوسطجي" من إنتاج عام 1968 عن قصة الكاتب يحيى حقي، جسدها الفنان شكري سرحان ومن إخراج حسين كمال، ودارت أحداثه حول ساعي بريد ينقل إلى إحدى قرى صعيد مصر، وتعرف إلى أهلها، وتجاوز حدود مهنته كحامل لرسائل العشاق إلى صانع للعشق مع إحدى فتيات القرية.
متحف البريد يعرض حقائب ساعى البريد
وبعد كل هذه السنوات جاءت رياح العولمة بما لا يشتهي "البوسطجية"، الذين وجدوا أنفسهم وجبة منزوعة الدسم بعد أن سلبتهم ثورة الاتصالات غالبية مهام عملهم، خاصة إيصال الرسائل والخطابات، واستولت الفاكسات والإيميلات والهواتف النقالة ورسائل الـSMS ودردشات "الشات" على النصيب الأكبر من جمهورهم، فخلت حقائبهم المكتظة من المراسيل، ولم نعد نسمع رجاء عبده تغني "البوسطجية اشتكوا من كتر مراسيلي"، ولا عبدالوهاب الدوكالي وحسناء المغربية وهما يشدوان بكلمات حسن المفتي في أغنية "مرسول الحب" التي يقول مطلعها: "فين مشيت وفين غبت علينا، خايف لتكون نسيتنا وهجرتنا وحالف ما تعود، مادام الحب بينا مفقود".
شيخ البوسطجية: المهنة لن تختفي
الشعار العالمى للبريد
وتطرّق الخطيب إلى واقعة طريفة حدثت معه أخيراً فيقول: كنت في عيادة أحد الأطباء وبعد أن دخلت حجرته، أصر الطبيب على رد قيمة الكشف، فلم أقبل إلا بعد معرفة السبب، فأكد أنه يتفاءل بي منذ أن قمت بتوصيل بطاقة ترشيحه لدخول كلية الطب قبل أكثر من 10 أعوام.
البريد السريع تطور طبيعى للبوسطجى
تطوير مستمر
بوستر فيلم البوسطجي
من جانبه، قال د. أشرف زكي، رئيس الهيئة القومية للبريد: إن الصورة القديمة التي كان يراها الناس لشخصية "البوسطجي" تغيرت كثيراً، فالهيئة تطور من نفسها أولاً بأول لمسايرة العصر والاستفادة من المتغيرات التكنولوجية لصالحها، وبالتالي لن يتأثر عمل ساعي البريد بالتقنيات الحديثة، إنما ستصب في صالحه، لاسيما أن دوره تزايد في إيصال المكاتبات الحكومية وخدمات الطرود، بل وتوصيل البضائع التي يتم بيعها إلكترونياً عبر الهاتف أو شبكة الإنترنت.
وأوضح زكي أن الهيئة حريصة على رفع كفاءة العاملين بها من خلال عدد من الدورات التدريبية في الكمبيوتر واللغات، كما تم ميكنة 2100 مكتب بريد من 3800 مكتب منتشر في أنحاء الجمهورية. وختم حديثه قائلاً: "اطمئنوا.. البوسطجي باقٍ".
الخطاب بالشكل التقليدي
يُذكر أن بدايات البريد المصري كمصلحة رسمية ترجع إلى منتصف القرن التاسع عشر، وتحديداً في عام 1856 حينما وقعت الشركة الأوروبية للبوسطة اتفاقاً مع الحكومة المصرية ينص على نقل إرساليات البريد لمدة 5 أعوام متتالية، اعتباراً من يناير 1856، وبعد انتهاء هذه المدة تم تجديدها إلى 10 أعوام أخرى، وظل البريد المصري خاضعاً للسيطرة الأجنبية في عهد محمد سعيد باشا، لكن طموح الخديوي إسماعيل لتحديث مصر دفعه إلى تمصير إدارة البريد، وأصدر في 14 يناير 1865 قراراً بشراء شركة البريد وضم أرباحها إلى إيرادات الدولة، وكان ذلك بمثابة النواة الأساسية لإنشاء الهيئة القومية للبريد المصري.
رد مع اقتباس
