تُعتبر مدينة الناصرة إحدى أكثر المدن قداسًة في الديانة المسيحية، وبحسب الانجيل، فإن الملاك جبرائيل بشّر مريم العذراء بولادة يسوع المسيح، كما أنها المدينة التي نشأ فيها فنُسِبَ إليها ودُعي يسوع بيسوع الناصري. كما دُعي أتباعه بالنصارى. وابتداءً من العصر البيزنطي، أضحت المدينة مركزًا دينيًا. ومع الحملات الصليبية للمدينة ازدادت أهميّتها الدينية، إذ كانت مركز الأبرشيات الكاثوليكية، كما تبعتها كنائس منطقة الجليل. وبسبب قدسية مدينة الناصرة لدى العالم المسيحي، أصبحت المدينة مقصدًا للحجاج الزائرين. وقد زارها ثلاثة باباوات؛ البابا بولس السادس في 5 كانون الثاني/ يناير 1964، البابا يوحنا بولس الثاني في عيد البشارة في 25 آذار/ مارس 2000، والبابا بنديكتوس السادس عشر في 14 أيار/ مايو 2009.[12][13][14]. يُذكر أنّه يعيش اليوم في مدينة الناصرة أكبر تَجّمع مسيحي في فلسطين التاريخية.[15][16]
كانت الناصرة بوابة الغزاة إلى فلسطين التاريخية من الحدود الشماليّة، فتعاقب عليها الفرس والإغريق والرومان والبيزنطيونوالصليبيون والمغول والعثمانيون والبريطانيون، حتى استولت عليها المنظمات اليهودية المُسلحة في 16 تموز/ يوليو 1948. تجدر الإشارة إلى أن اسم الناصرة اُطلق على عدد من المدن في مختلف أنحاء العالم.[17] وقد تأسس أول مجلس بلدي للمدينة في العهد العثماني عام 1875.[1]
بسبب أهمية المدينة بالنسبة للعالم المسيحي سميّت وتكنت العديد من المدن حول العالم باسمها "الناصرة"، فضلًا عن مدارس وجامعات ومستشفيات ورهبانيات وكنائس دُعيت بهذا الاسم تيمنًا بمدينة البشارة حسب المعتقدات المسيحية.
إن اسم مدينة الناصرة الكنعاني القديم هو "آبل"، وقد سُميت العين أيضًا قديمًا بـ"عين آبل"، وهي اليوم عين العذراء التي تعني أيضًا عين الحياة. لقد ذُكر اسم الناصرة في العهد الجديد29 مرة، وهذا يعني بأنها كانت مدينة مهمة في تلك الفترة بالرغم من عدم ذكر اسمها ولا مرة في العهد القديم. وقد كانت الناصرة في أيام الهيكل الثاني (في القرن السادس قبل الميلاد) قرية يهودية ويعود أصل اسمها إلى اللغة العبرية. وكما يبدو فإن اسم المدينة مشتق من الكلمة العبرية "נצר" التي تعني عصا أو غصنا. ويعتبر المسيحيون ذلك رمزًا إلى كون يسوع في الأصل من بيت داوود، وهي الحقيقة التي تدعم احتمالات أن يكون هو يسوع المسيح. وهناك إمكانية أخرى وهي أن يكون أصل الاسم يعود إلى كلمة "נצר" بالعبرية بمعنى الحراسة وقد يرتبط ذلك بالجبل المرتفع الذي تقع عليه المدينة والذي يعنى بحراسة مرج ابن عامر الذي شهد الكثير من المعارك في الفترات الغابرة. في أيامه كان يدعى يسوع على اسم مدينته.[18]
هنالك تعليل آخر لاسم الناصرة التاريخي، معناه مركز أو برج الحراسة. كما كان اسمها يعني الجبل المرتفع، أو منحدر الماء إلى مجراه. وليس هذا بعيدًا عن شكل جبالها المشرفة على جميع الأنحاء. لقد تشعبت الأبحاث عن اصل ومصدر اسم الناصرة، وذهب بعضها إلى أنّ أصل الاسم من اللغة الآرامية، وتذهب أخرى إلى أنّها سريانية، أو عبرية، أو عربية، ولكن معانيها حصرت في بضع مضامين:[19]
- الزهرة أو البرعم المتفتح، أو باقة الأزهار، أو بستان الشجيرات، أو الزنبقة، أو رونق الشيء وإشراقه.
- التنسك، الصوامع، مغاور النساك، مغاور وبيوت التنك.
- الجبل، المركز، برج الحراسة، الجبل المرتفع، منحدر الماء.
- النصر، فاعلة النصر.