من قَواعد النحاةِ أنّ الضَّميرَ يَرجعُ إلى أقرَب مَذكورٍ إذا تَعَدَّدَ المَذكورُ؛ وقَد يتعذَّرُ ذلكَ، وهذا قليل الاستعمال؛ إذ لا يوجد إجماع على هذه القاعدَة مِن علماء اللغة. ولكن وردَ خلافُ القاعدَة النحويّةِ في القُرآن الكَريم:
1-فقَد ورَدَت إحالَةُ الضمير على مَذكور بعده لا قبلَه، في سورة طه في قَوله تَعالى: « فأوْجَسَ في نفسِه خِيفةً موسى ».
2- وورَدَ رُجوعُ الضَّميرِ إلى بَعيدٍ قبلَه؛ كَما في قولِه تعالى:
« فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ رَبَّنَا آَمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ » [آل عمران/52-54]
انْتقلَ من حكايَة دعائهم: "ربنا آمنا…فاكتبْنا مع الشاهدين"، إلى الإخبار عن غائبينَ: “ومَكَرُوا”. والضَّميرُ في ضَميرُ “مَكَروا” عائد إلى ما عاد إليه ضمير “مِنهم” في قولِه تعالى: «فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ…»، وهم اليهودُ. فالإحالَةُ على رأس الآيَة أي على الضمير في “منهم” أي مَكَرَ الذينَ أحسّ عيسى منهم الكُفرَ. ولا يَنبغي أن تَكون الإحالةُ على أقربِ مَذكورٍ دائماً، كما يُقالُ، لأنّ الإحالَةَ على أقرَب مَذكورٍ في الآيَةِ تُفسِدُ المَعْنى.