ذَمِّ الخطإ في الشعر
1/ قَوَاطِنًا مَكَّةَ مِنْ وُرْقِ الحَمِي
هذا شطرٌ للعجّاج في ديوانه 1/ 453 ورقمه في الأرجوزة 47 برواية: أوَالِفًا مَكَّةَ مِنْ وُرْقِ الحَمِ، وقبله مما يتصل بمعناه: وَرَبِّ هذا البَلَدِ المُحَرَّمِ = والقَاطِنَاتِ البَيْتَ غَيْرَ الرُّيَّمِ
أراد: مِنْ وُرْقِ الحمامِ، قال عبد السلام هارون رحمه الله [حاشية كتاب سيبويه 1/ 26]: "وفيه أوجه: أنْ يكونَ حذَفَ الألفَ والميمَ وجَرَّ باقي الكلمة بالإضافة، وألحقها الياءَ لِوَصْلِ القافية، أو أنْ يكونَ حذَفَ الألفَ فقط، فصار الحَمَمُ ثم أبدل من الميم الثانية ياءً؛ استثقالا للتضعيف، كما قالوا: تَظَنَّيْتُ في تَظَنَّنْتُ، ثم كسر ما قبل الياء لئلّا تُقْلَبَ أَلِفًا، فصار الحَمِي، أو أنْ يكونَ حذَفَ الميمَ للترخيم في غيرِ نداء، فأبدل من الألف ياءً، عن الشنتمريّ واللسان".
وفيه شاهدٌ على صرف ما لا ينصرف (قواطن)، ولم ينصّ عليه سيبويه، وشاهدٌ ثالث لَمْ ينصّ عليه أيضًا وهو أنّ اسمَ الفاعل المجرَّدَ من أَلْ يعملُ عملَ الفعلِ النصبَ ولو كان جمعًا، قَوَاطِنًا مَكَّةَ.
2/ دَارٌ لِسَلْمى إذْهِ مِنْ هَوَاكا
لم تُعرف نسبتُه، وقال هارون في الحاشية: "ذكر البغداديُّ في الخزانة: أنَّ هذا البيتَ مِنَ الأبياتِ الخمسين التي لَمْ يُعلم قائلها، ولا يُعرف له ضميمة. ثم قال: ورأيت في حاشية اللباب أنّ ما قبله: هَلْ تَعْرِفُ الدَّارَ عَلَى تِبْرَاكا، [هذا الكلام في الخزانة 2/ 5، 6، تحقيق الشيخ هارون نفسه، وجديرٌ بالذكر أنّ د رمضان، رحمه الله، كتب عن أسطورة الأبيات الخمسين في كتاب سيبويه في كتابه: بحوث ومقالات في اللغة من ص 89 - 140]
قال هارون في حاشية الكتاب 1/ 27: "وقد سكّن الياء من هِيَ؛ للضرورة، ثم حذَفها ضرورةً أخرى؛ تشبيها لها بعد سكونها بالياء اللاحقة في ضمير الغائب؛ إذا سكن ما قَبلَه كقولك: عليْهِ ولَدَيْهِ، وبالواو اللاحقة أيضًا في نحو: مِنْهُ، وعَنْهُ".
3/ نَفْيَ الدَّرَاهِيْمِ تَنْقَادُ الصَّيَارِيْفِ:
هذا عجز بيت الفرزدق، قال سيبويه رحمه الله 1/ 28: "ورُبَّمَا مَدُّوا مِثْلَ: مَسَاجِدَ، ومَنَابِرَ؛ فيقولون: مَساجِيْدَ، ومَنَابِيْرَ؛ شَبَّهُوْهُ بِمَا جُمِعَ على غَيْرِ واحِدِهِ في الكَلَامِ، كما قال الفَرَزْدَقُ:
تَنْفِي يَدَاهَا الحَصَى في كُلِّ هَاجِرَةٍ = نَفْيَ الدَّناَنِيْرِ تَنْقَادُ الصَّيَارِيْفِ".
وكلام سيبويه كافٍ في بيان الشاهد.
4/ فَلَسْتُ بِآتِيْهِ ولَا أَسْتَطِيْعُهُ = وَلَاكِ اسْقِنِي، إِنْ كانَ مَاؤُكَ ذَا فَضْلِ
من شواهد الكتاب 1/ 27، للنَّجَاشِي الحارثيّ، والشاهد فيه: (لاكِ) يريد: لكِنْ، فحذف النون لالتقاء الساكنين ضرورةً.
5/ أَنِّي أَجُوْدُ لِأَقْوَامٍ وإِنْ ضَنِنُوْا
عجز بيت، ورد تامًّا في الكتاب 1/ 29، أراد: ضَنُّوْا؛ فَفَكَّ التضعيفَ ضرورةً، قال سيبويه: "وقد يَبْلُغُوْنَ بِالمُعْتَلِّ [أراد بالمعتلّ: ما يشمل المعتلّ والمضعّف، (حاشية هارون)] الأَصْلَ فيقولونَ: رادِدٌ في: رَادٍّ، وضَنِنُوْا في ضَنُّوْا، ومررتُم بِجَوارِيَ قَبْلُ:
قال قَعْنَبُ بنُ أُمِّ صاحِبٍ:
مَهْلاً أَعَاذِلَ قَدْ جَرّبْتِ مِنْ خُلُقِي= أَنِّي أَجُوْدُ لِأَقْوَامٍ وإِنْ ضَنِنُوْا"
مضعّف الثُّلاثيّ حكمه عند إسناده للضمائر ما يأتي: الماضي: إذا أسند إلى ضمير رفع متحرك، وهو: تاء الفاعل، ونا الفاعلين، ونون النسوة، وجب فكّ الإدغام، تقول: مددت، مددنا، مددن، ويجب الإدغام فيما عدا ذلك.
والمضارع: إذا أسند لنون النسوة وجب الفك، تقول: هنّ يحجُجْنَ، وإذا أسند إلى ألف الاثنين أو واو الجماعة، أو ياء المخاطبة، وجب الإدغام. وكذلك يجب الإدغام إذا أسند إلى اسم ظاهر، أو ضمير مستتر، ولم يكن الفعل مجزوما، فإن جزم الفعل جاز الفك والإدغام، تقول: لم يشدّ، ولم يشدد. والفَكّ أكثر، قال، تعالى: {وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِر}، {وَلْيُمْلِلْ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَق}.
والأمر: إذا أسند إلى ضمير رفع متحرك، وهو نون النسوة، وجب الفكّ، تقول: اُحْجُجْنَ، وإذا أُسند إلى ضمير رفع ساكن، وجب الإدغام، وإذا أسند إلى ضمير مستتر، جاز الأمران، والفكّ أكثر، قال تعالى: {وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ}.
6/ صَدَدْتِ فأَطْوَلْتِ الصُّدُوْدَ وقَلَّمَا = وِصَالٌ عَلَى طُوْلِ الصُّدوْدِ يَدُوْمُ
قال سيبويه 1/ 31: "ويحتمِلون قُبْحَ الكَلَامِ حَتَّى يَضَعُوْهُ في غَيْرِ مَوْضِعِهِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَقِيْمٌ ليس فِيْهِ نَقْضٌ؛ فَمِنْ ذلك قولُهُ:
صَدَدْتِ فأَطْوَلْتِ الصُّدُوْدَ وقَلَّمَا = وِصَالٌ عَلَى طُوْلِ الصُّدوْدِ يَدُوْمُ
وإنما الكلامُ: وقَلَّ مَا يَدُوْمُ وِصَالٌ".
وفي الكتاب: نقضٌ بالضاد، وفي ذم الخطإ: نقصٌ، بالصاد.
والبيت ينسب لِعُمرَ بن أبي ربيعة ولِلمَرّار الفَقْعَسيّ، قال هارون في الحاشية: "وفيه تقديمُ "وصال" وهو الفاعل، على فعله وهو يدومُ؛ لأنّ قلَّ هنا مكفوفة، بما فلا تعملُ في الفاعل. وجعله بعضُهم فاعلًا لفعل مقدّر قبله، أي قلّ وصالٌ، وبعضهم جعل (ما) بعد قلَّ زائدة لا كافّة، فارتفع بها الفاعل" انتهى كلامه، وهذه الآراء نوقشت في كتب أخرى كثيرا.
7/ وصَالِيَاتٍ كَكَمَا يُؤَثْفَيْنْ
من شواهد سيبويه على تغيير أحكام الألفاظ ضرورة، قال: "وجعلوا ما لا يَجْرِى في الكَلَامِ إلاَّ ظَرْفاً بمنزلةِ غَيْرِهِ من الأسْماءِ ... ثُمّ قال: "وقال الأعشى:
ومَا قَصَدَتْ مِنْ أَهْلِهَا لِسَوائِكا
وقال خِطامٌ المُجاشِعيّ:
وصَالِيَاتٍ كَكَمَا يُؤَثْفَيْنْ
فعلوا ذلك؛ لأَنَّ معنى سَواء معنى غَيْرٍ، ومعنى الكافِ معنى مِثْلٍ"
وللنحاة تخريجاتٌ أُخَرُ، انظر خزانة الأدب 2/ 313 - 316، وقد ذكر ابن فارس هذا الشطر في الصاحبيّ 40، وقال عنه مع أبياتٍ أُخَرَ: "وكُلُّ ذا من أغالِيطِ مَنْ يغلَط، والعرَبُ لا تَعْرِفُهُ".
8/ وعَضُّ زمانٍ يَا ابْنَ مَرْوانَ لَمْ يَدَعْ = مِنَ المالِ إلاَّ مُسْحَتًا أو مُجَلَّفُ
سأنقل هنا بعضَ ما كتبه الشيخ محيي الدين عن الشاهد في حاشية الإنصاف 188، 189: ... "واعلم قبل كلّ شيء أن أصل الرواية في هذا البيت على ما رواها المؤلف بنصب "مُسْحَتًا" ورفع "مُجَلّف" وقد تكلّم العلماءُ في ذلك، فأطالوا وقالوا فأكثروا وتَعِبُوا في طلب الحيلة ولم يأتوا بشيء يرتضى هكذا قال ابن قتيبة، وقال الزمخشري كلامًا قريبًا منه، ونحن نذكر لك أربعة تخريجات لهذه الرواية الأصلية:
التخريج الأول: أنّ قوله "مُجَلّف" مبتدأ حُذِفَ خَبَرُهُ ...
والثاني: أنّ "مُجَلّف" فاعل بفعل محذوف دلّ عليه سابقُ الكلام، والتقدير: أو بَقِيَ مُجَلّف؛ لأنّ قولَه "لم يدع إلا مُسْحَتًا" معناه بَقِيَ مُسْحَتٌ، ...
والتخريج الثالث: أنّ قوله "مُجَلّفٌ" معطوف على قوله " وعَضُّ زمانٍ" في أول البيت وهو مصدر ميمي بمعنى التجليف، وليس اسمَ مفعول ... وهذا توجيه أبي عليّ الفارسي.
والتخريج الرابع: أنّ قولَه "مُسْحَتًا" اسمُ مفعول منصوب على أنّه مفعولٌ به لقوله: لم يَدَعْ، وفيه ضميرٌ مستترٌ نائبُ فاعلٍ، وقولُه "أو مُجَلّفٌ" معطوف على الضمير المستتر في مُسْحَت، وهذا توجيه الكسائي. ومن العلماء من ذهب يغيّر في رواية البيت أو في تفسير كلماته...
9/ من قَتْل وأما أَسْ
لم أعرف عنه شيئًا، ولكنّي أخمّن أنّ الضرورةَ فيه حذفُ الراء من كلمة الأَسْر.
10/ تَرَى النّاسَ ما سِرْنا يَسِيرُونَ خَلفَنا = وَإنْ نَحْنُ أوْمَأْنَا إلى النَّاسِ وَقَّفُوا
ليس من شواهد الضرورة.
11/ كَأَنَّا يَوْمَ قُرَّى إ = نَّما نَقْتُلُ إِيَّانَا
ورد هذا البيت عند سيبويه مرتين:
الأولى: في باب مالا يكون الاسم فيه إلا نكرةً، ومعه بيت آخر هو موضع الشاهد، وهو قوله: قتلنْا منهمْ كلَّ = فتًى أَبيضَ حُسَّانا، على أنّ كُلًّا نكرةٌ، ولا تضاف إلّا إلى نكرة، ولا توصف إلا بنكرة، وكذلك ما تضاف إليه، وهنا وصفت كُلّ بأبيض وحسان، وهما نكرتان،. ولم يعرّج سيبويهِ على الضرورة في البيت الأوّل في هذا الباب.
والثانية: في باب ما يجوز في الشِّعْرِ من إيّا ولا يجوز في الكلام: قال سيبويه: فمن ذلك قولُ حُمَيْدٍ الأرقط:
إليكَ حَتَّى بَلَغَتْ إيَّاكَا
وقال الآخر لبعض اللصوص:
كأَنَّا يومَ قُرَّى إ = نَّما نَقتلُ إيَّانَا
قتلنا منهمُ كُلَّ = فتًى أَبيضَ حُسَّانا" انتهى الباب.
وبما أنّ عنوانَ الباب ليس واضحا كما يجب، وسيبويه لم يبين الضرورة واختلافها في البيتين، لكنّ ظاهر كلامه أنّ استعمال الضمير المنفصل هنا هو الضرورة، وعلى هذا فهم كثير من النحاة أنّ الضرورة هنا هي وقوع الضمير المنفصل موقع المتصل، والزمخشري منهم فقد فهم أن الضرورة في البيت الثاني هي نفسها في بيت حُميد، وفَهِم ابنُ عُصْفُور وغيرُه أنّ الضرورةَ شيء آخر، قال ابن عصفور: كان الوجه أنْ يقول: إنما نقتل أنفسنا، كما قال تعالى: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا}، فوضَعَ الضميرَ المنفصل موضعه لما اضطرّ إلى ذلك، وكذلك فهم ابن مالك، وأشار إلى وهم الزمخشري في قوله: إنّما نقتل إيّانا، قال:
"فظنّ أنه من وقوع المنفصل موقع المتصل، وليس كذلك؛ لأنه لو أوقع هنا المتصل فقال: إنما نقتلُنا لجمع بين ضميرين متصلين أحدهما فاعل والآخر مفعول مع اتحاد المسمّى، وذلك مما يختصّ به الأفعال القلبية، وغَرّ الزمخشريّ ذكر سيبويه هذا البيت في باب ما يجوز في الشعر من (إيّا)، ولا يجوز في الكلام، ثم قال: فمن ذلك قول حُميد الأرقط: إليكَ حَتَّى بَلَغَتْ إيَّاكَا، فهذا ونحوه مخصوص بالشعر، لأنّه لولا انكسار الوَزْن لقال: حتى بلغتْكَ، ثم ذكرَ البيتَ الذي أوّلُه (كأنّا)، لا؛ لأنّ ما فيه لا يجوز إلاّ في الشعر بل لأَنّ (إيّانا) مُوْقَعٌ فيه مَوْقِعَ أنفسنا، فبَيْنَهُ وبين الأوّل مناسبة من قِبَلِ أنَّ (إيّا) في الموضعين واقعٌ موقعًا غيرُه به أولى، لكنّ في الثاني من معنى الحصر المستفاد بإنّما ما جعله مساويًا للمقرون بإلاّ فحسُن وقوع إيّا فيه كما يحسن بعد (إلاّ)، وهذا مطرد فمن اعتقد شذوذه فقد وهم" شرح التسهيل 1/ 148، 149. وقد بحثت هذه المسألة في بحث بعنوان: مسائل التركيب والإعراب بين الزمخشريّ وابن مالك: 11، 12.
12/ ومِحْوَرٍ أُخْلِصَ مِنْ مَاءِ اليَلَبْ
أكتفي بما جاء في ضرائر ابن عصفور 246، ونصّه: "والضربُ الذي لا يجوز في الشعر ولا في الكلام ما يجيء على طريق الغَلْطَةِ؛ لأنّ الغالطَ لا ينبغي أنْ يُتّبَعَ على غلَطِه، نحو قوله:
والشيخُ عثمانُ أبو عفّان
فكنّي عثمانَ أبا عفّانَ على وجه الغلَطِ، وإنما كُنيته أبو عمرو، وعفَان اسم أبيه ...
ثم قال: ... وقول الآخر:
ومِحْوَرٍ أُخْلِصَ مِنْ مَاءِ اليَلَبْ
يريد: الحديد، فغلِط فجعل اليَلَبَ الحدِيْدَ، وإنّما اليَلَبُ (جُلُوْدٌ) يُضَمُّ بعضُها إلى بَعْضٍ، ويُجْعَلُ تحت البَيْضِ وِقَايَةً. وكأَنَّ الذي غلَّطه قولُ عمرو بن كلثوم:
علينا البَيْضُ واليَلَبُ اليَمَانِي
فتوهّمَ أنَّ اليَلَبَ أجودُ مِنَ الحديد".
13/ ... مُحْكَمَةٍ مِنْ صُنْعِ سَلاّمِ
البيت للحطيئة وهو بتمامه:
فيهِ الرِّمَاحُ، وفيه كُلُّ سَابِغَةٍ = جَدْلَاءَ مُحْكَمَةٍ مِنْ صُنْعِ سَلاّمِ
جاء في ضرائر الشعر لابن عصفور ص 168 فيما ضَرُورتُه حذْفُ كلمةٍ قال: "ومنه: حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه من غير أنْ يدلّ عليه، معنى الكلام، بل شيء خارج عنه ... وذكر عددًا من الشواهد ومنها "قول الحطيئة:
فيهِ الرِّمَاحُ وفيه كُلُّ سَابِغَةٍ = بَيْضَاءَ مُحْكَمَةٍ مِنْ صُنْعِ سَلاّمِ
يريد: من صنع أبي سَلَّامٍ، وأراد بسَلَّامٍ سُليمان، صلوات الله عليه".
وفيه أيضًا عند إبدال كلمة بكلمة وما يكون منه ضرورة، قال ص 239: "ومنه: إبدال اسم مفرد من اسم مفرد. وهو على ضربين: ضرب جائز في الشعر دون الكلام ينقسم أربعة أقسام:
أحدها: أن يشتق للمسمى من اسمه اسماً آخر ويوقعه عليه بدل اسمه، نحو قول الحطيئة:
وما رَضِيْتُ لَهُمْ حَتّى رَفَدْتَهُمُ = من وائلٍ رَهْطِ بَسَّامٍ بِأصْرامِ
فيها الرِّمَاحُ وفيه كُلُّ سَابِغَةٍ = بَيْضَاءَ مُحْكَمَةٍ مِنْ نَسْجِ سَلاّمِ
يريد: بِسَلّام سليمان عليه السلام. وسهّل ذلك كونُ سليمانَ وسلّامٍ المشتقِّ منه يرجعان إلى معنى السّلامة". [يلاحظ تغير الرواية في البيت موضع الشاهد]، والبيتان في ديوان الحطيئة 227، هكذا:
وما رَمَيْتَ بِهِمْ حَتّى رَفَدْتَهُمُ = من وائلٍ رَهْطِ بِسْطَامِ بِأصْرامِ
فيهِ الرِّمَاحُ وفيه كُلُّ سَابِغَةٍ = جَدْلَاءَ مُبْهَمَةٍ مِنْ صُنْعِ سَلاَّمِ
وقد سبق القزاز القيرواني في ما يجوز للشاعر في الضرورة: 322 ابن عصفور إلى شرح الضرورة في البيت بعبارة جامعة بين الوجهين، قائلا: "ومما يجوز له [يعني الشاعر]: تغييرُ الأسماء، كما قال الأوّل:
ونَسْجُ سُلَيْمٍ كُلَّ قضَّاَءَ ذَائِلِ
يريد بقوله: سُلَيْم: سُليمان، ... ثم قال: ومثله قول الآخر:
جَدْلاَءَ مُحْكَمَةٍ من نَسْجِ سَلَّامِ
يريد أيضاً: سُليمان، وهما يريدان بذكر سليمان أباه؛ لأنّهُ أوّلَ مَنْ عَمِلَ الدَّروعَ، فغيّر الاسمَ هذا التّغييرَ، وأرادَ داوُدَ فذكر سليمانَ.
المصادر:
- الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين، لأبي البركات ابن الأنباري 513 – 577، ومعه كتاب الانتصاف من الإنصاف، لمحمد محي الدين عبد الحميد، دار الفكر.
- بحوث ومقالات في اللغة، د رمضان عبد التواب، نشر داري الخانجي، والرفاعي، ط1، 1403.
- خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب، لعبد القادر بن عمر البغدادي 1030 - 1093 هـ، ط 4، 1420 هـ، مكتبة الخانجي بالقاهرة.
- ديوان العجاج، روايةُ عبدِ الملك بن قُرَيبٍ الأصمعيِّ وشرحُه، تحقيق: عبد الحفيظ السطلي، توزيع مكتبة أطلس، دمشق.
- ذم الخطأ في الشعر لابن فارس اللغوي 395 هـ، تحقيق وتقديم وتعليق: رمضان عبد التواب، ط 1، 1980م، مكتبة الخانجي، القاهرة.
- شرح التسهيل، لابن مالك ظ¦ظ§ظ¢ ه، تحقيق: د. عبدالرحمن السيد و د. محمد المختون، هجر للطباعة ط1، ظ،ظ¤ظ،ظ*هـ (ج ع م).
- الصاحبيّ في فقه اللغة لأبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا 395هـ، تح: السيد أحمد صقر، مطابع عيسى البابي الحلبي القاهرة.
- ضرائر الشِّعْر، لعلي بن مؤمن بن محمد، الحَضْرَمي الإشبيلي، المعروف بابن عصفور المتوفى: 669هـ، تحقيق: السيد إبراهيم محمد، نشر دار الأندلس، ط 1، 1980م
- كتاب سيبويه أبي بشر عمرو بن عثمان بن قَنبر – 180 هـ، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، ط 3، 1408ه،ـ مكتبة الخانجي بالقاهرة.
- ما يجوز للشاعر في الضرورة، للقزاز القيرواني 322 – 412، تحقيق: د. رمضان عبد التواب، ود. صلاح الدين الهادي، نشر دار العروبة بالكويت بإشراف دار الفصحى بالقاهرة.
- مسائل الإعراب والتركيب بين الزمخشريّ وابن مالك، لسعد حمدان الغامدي، نشر في مركز بحوث اللغة العربية وآدابها بمعهد البحوث العلمية وإحياء التراث الإسلامي، بجامعة أم القرى عام 1430هـ، 2009م.