تخاصم أبو الأسود الدؤلي وطليقَتهُ في ابنٍ لهُما أرادَ أخذهُ منها، فتحاكما إلى زياد وهو وال بالبصرة. فقالت المرأة : أصلحَ الله الأمير، هذا ابني كان بطني وعاءَهُ، وحِجري فِناءَهُ وثَديي سِقاءَهُ، أكلؤه إذا نام، وأحفظه إذا قام، فلم أزل كذلك سبعة أعوام حتى كَمِلَتْ خِصالُه، واستوكَفَت أوصالُه، فحين أمِلتُ نَفعَهُ، ورجوتُ دَفعَهُ أرادَ أبوه أنْ يأخُذهُ مِنّي كرهًا. فقال أبو الأسود : أصلحك الله أيها الأمير، هذا ابني حملتُهُ قبلَ أن تَحمِله، ووضَعتُهُ قبل أنْ تَضَعَهُ، وأنا أقومُ عليه في أدبِه، وأنظرُ في أَوَدِه، أمنَحهُ حِلمي، وأُلهمهُ عِلمي، حتىّ تَحكَّمَ عَقلُهُ واستحكم فَتلُهُ. فقالت المرأة : لقد صدق، ولكنه حَمَلَهُ خِفّاً وحَمَلتُهُ ثِقلاً و وَضَعَهُ شَهوَةً و وَضَعتُهُ كُرهاً!
فقال زياد : والله وازَنتُ بين الحُجتين وقارَنتُ الدليل بالدليل فما وجدتُ لكَ عليها مِن سبيل وقضى به لها.