اصوات في رأس " دوستويفسكي "..!!
في روايات دوستويفسكي هناك صفات يمتاز بها ابطاله منها القسوه والاجرام والتشائم والمرض والكفر والحقد والضعف والخسه والجنون والبغي والايمان والالحاد والعقل والتفاهه والحب والخوف...وهنا يمكن لاي شخص ان يسأل سؤال : اي من هذه الصفات يمتاز بها دوستويفسكي منهم..!!؟؟
اعتقد انها كل هذه الصفات هي صفات داخل نفسية دوستويفسكي ولا يمكن لاي صفه واحده ان او عدة صفات ان تحويه بل انها كلها جميعا كأنها اصوات في داخله لايسمعها الا هو وبالتالي سيقوم بوضع نفسه في هذه الروايه او تلك..!!...فهو " راسكولنيكوف " القاتل الذي عنده تبرير للقتل من اجل مصالح عليا..وهو " ايفان " الملحد الذي يتمنى موت ابيه...وهو " اليوشا " المؤمن الصابر القنوع...وهو " ديمتري " المعربد العبثي...وهو " الانسان الصرصار" الذي ينظر للعالم من تحت الارض...وهو"كيريلوف " الذي يريد ان يصبح اله لو انتحر وفلسفته هي : لو لم يكن هناك اله فأن كل شيئ مباح....دوستويفسكي كل هؤلاء جميعا يعيشون في داخل راسه ويخرجون تباعا...وربما لاابالغ لو قلت ان حياة ابطاله لاتقل روعه وعظمه عن حياة وعظمة دوستويفسكي...
إن الحوارات الطويله بين ابطال دوستويفسكي ليست الا احد اسباب تجمع كل تلك الصفات داخل فكر وعقل دوستويفسكي ...ومنها يمكن القول ان تعدد تلك الشخصيات والحوارات الطويله بين تلك الشخصيات المتناقضه لن يفضي الى حدث مهم في الروايه يؤثر على سيرها بل ان تلك الحوارات هي نفسها الحدث..!!.انها فلسفة دوستويفسكي الوجوديه التي فيها الام البشر وعذاباتهم وافكارهم وايضا تباين الوعي من حيث النظره للوجود والعالم...حوارات عن الله والشيطان والوجود والعدم والخطيئه والدين وهذه كلها فلسفه رائعه لاتحتاج الى تبسيط..
ان كل من كتب عن دوستويفسكي لايعلم بالضبط اين هو موقع دوستويفسكي من هذه الشخصيات...من هو دوستويفسكي ومن هم ابطاله...؟..هل هو " اليوشا كارامازوف " المؤمن ام انه " ايفان كارامزوف " الملحد ام انه " ديمتري كارامازوف" العبثي...؟..ام انه جميعهم...يقول احد الكتاب : ان دوستويفسكي بدء حياته " ايفان " ثم تحول الى " ديمتري " واخيرا انتهى ب" اليوشا " المؤمن...؟
تروي زوجته " أنا غريغوريفنا " أنه حينما أملى عليها قرار الاتهام على لسان المدعي العام في رواية"الإخوة كارامازوف" قالت له مازحة : "يا ليتك كنت مدعيا عاما..!!! ...بخطابك هذا تنفي حتى الأبرياء إلى سيبيريا..!!!.."
وعندما أملى عليها كلمة محامي الدفاع سألها رأيها فأجابته: " ليتك كنت محاميا فبوسعك أن تبيِّض صفحة أبشع المجرمين..!!.."
يقول احد الكتاب : إن هذا الموقف يشي بحقيقة مفادها أنه كان في داخل دوستويفسكي دائما مدع عام ومحام لا ينفكان يتصارعان...!!