هو بطل خارق وانسان سخي بكل معنى الكلمة، وهب حياته من أجل التبرع بالدم، فدخل موسوعة غينيس للأرقام القياسية كأكثر رجل تبرع بدمه على مر التاريخ، هو الأسترالى جيمس هاريسون، أو كما يطلق عليه "الرجل ذو الذراع الذهبية".
يعتبر جيمس هاريسون، الذى يبلغ من العمر 83 عاماً، بطلا حقيقيا فى أستراليا حيث أنقذ بدمه أكثر من مليونى طفل مصاب بمرض فقر الدم الانحلالى، حيث تحتوى بلازما دم "هاريسون" على أجساماً مضادة تحمى الأطفال من الموت بمرض ريسوس، وهو أحد أمراض فقر الدم الخطيرة التى تصيب الأطفال حديثى الولادة، خصوصاً فى أستراليا التى تشهد ارتفاعاً كبيراً فى حالات الوفيات بهذا المرض الذى يتسبب فى تلف دماغ الرضع وشلل فى أعضائهم.
دراع جيمس الذهبية، سجلت فى التاريخ بحروف ذهبية كواحد من الأشخاص الناشطين فى مجال التبرع بالدم، كما أنه صُنِّف كأحد أهم المتبرعين فى تاريخ البشرية حيث ساهم الأخير لوحده فى إنقاذ ما يزيد عن مليونى شخص.
حقق هاريسون، رقمًا قياسيًا فى التبرع بالدم فى العالم ككل، حيث وصل رقم تبرعه بالدم على مدار تلك الرحلة ما يزيد عن 1173 مرة تبرع، مما ساعده على الدخول إلى موسوعة "جينيس" للأرقام القياسية، ونظرًا لأن سياسة استراليا تمنع التبرع بالدم لمن يزيد عمره 81 عامًا ، فبوصوله إلى ذلك العمر توقف عن التبرع بعد رحلة طويلة من العطاء وفعل الخير، أنقذ خلالها أرواح الأطفال .
بدأت قصة هاريسون، عندما كان فى الرابعة عشرة من عمره، حيث خضع لتدخل جراحى خطير على مستوى الصدر تطلب حصوله على 13 لترا من دماء متبرعين، ومع نجاح العملية واستعادته لوعيه، قضى 3 أشهر كاملة بالمستشفى أدرك خلالها دور دم المتبرعين فى إنقاذ حياته، وأمام هذا الوضع، وعد جيمس هاريسون بالتبرع بدمه بشكل دورى حال بلوغه الثامنة عشرة أى السن القانونية للتبرع.
وفى عام 1954، بدأ جيمس هاريسون فى تنفيذ وعده، لكن بعد عدة عمليات للتبرع، اكتشف الأطباء أمرا نادرا من نوعه، وهو احتواء دمه على العنصر المضاد Anti-D "مضاد دى"، الذى يعتبر عنصرا أساسيا لحدوث التوافق بين دم الأم ودم الجنين برحمها فى الحالة التى تكون فيها فصيلة دم الأم موجبة وفصيلة دم الجنين سالبة، أو العكس. وبسبب ذلك، صنّف دم جيمس هاريسون بالنادر والمميز فحصل على تأمين لحياته بلغت قيمته مليون دولار.
وساهم "دم" هاريسون فى إحداث ثورة فى مجال العلم، حيث قادت الأبحاث التى أجريت عليه لتطوير جلوبيولين مناعى، لتجنب داء انحلال الدم فى الجنين والأطفال حديثى الولادة، وقدّم هذا المنتج الذى احتوى على كميات كبيرة من المضاد Anti-D للنساء الحوامل لإنهاء معاناتهن مع داء ريسوس، الذى يعد أبرز أنواع الأمراض الانحلالية لدى حديثى الولادة، ويتميز بعدم تطابق عامل ريسوس بين الأم وجنينها، وبالتالى يلعب هذا الدواء دورا فاعلا فى إنهاء عدم التوافق من جهة الأم ليضع بذلك حدا للتهديدات التى قد تطال حياة جنينها.
وفى تصريحات سابقة، قال هاريسون: "لم أفكر أبداً بالتوقف عن التبرع بدمى للأطفال المرضى، فبعد أن خضعت لعملية جراحية خطيرة فى الصدر، حصلت على 13 لتراً من الدم تبرع بها الآخرون لإنقاذى، مضيفا: "أمضيت ثلاثة أشهر فى المستشفى، لقد أنقذت الدماء التى تبرع بها الآخرون حياتى"، داعيا الناس للتبرع بدمائهم، قائلا: "ساعة واحدة من وقتك هى عمر لشخص آخر".