طفوت كفراشة هائمة عند المساء
وقارب أفكاري يسري بلا شراع
مددت يدي إلى صديقي الحميم
وراح القصيد يغرد في ثغر اليراع
فتحت نافذة غرفتي الشرقية المطلة
على شارع خال من الصياح والنزاع
لم يعد الأطفال يلعبون في حارتنا
اشتقت إليهم وهم يسطرون ملاحم الإبداع
شاهدت ومضات إشعاعات زرقاء
تعبر السماء كالنجم البراق الساطع
كنت قد سمعت صوتاً عميقاً
مدوياً في باطن الليل البهيم يلعلع
نظرت إلى الأعلى ملياً كي أرى
فشاهدت كوكباً على صدر المعمورة قابع
وقلت في نفسي هذا هو كوكب الشيطان
يتلاعب بالأجواء والأحياء بلا منازع
هو كوكب شرير عتي مرعب
ما من نجم له منازع أو مقارع
إننا أغلقنا كل موانئنا وأجواءنا
وأقفلنا المنشآت، والمباني والمصانع
تمعنت في زوايا وأركان الشارع
رأيته يتماوج في العتمة كالثعلب المخادع
وعندهاعاد عواء القط التائه يراودني
وخلا الطريق من أي شاهد أو سامع
كان مواءه حزيناً، كئيباً وكأنه
في شارع للموت والرعب خاضع
بكى خوفاً على الزواريب والمرابع
وكأنه طفل رضيع إلى حضن أمه راجع
موت سريري خيم على شارع حارتنا
والحياة فيه تبخرت مع العواصف والزوابع
قط عجوز يزعق بصوت عال مرتعش
وكأنه ناقوس يدقه هر هرم ضائع
ترى هل كان الهر يدري بما يجري
في غياهب هذا الفضاء الرحب الشاسع؟
هل كان يرى مخالب التنين كورونا
تنقض من ثنايا هذا الأفق المدلهم الواسع؟
فأصيب بالرعب والخوف كالفأر الهالع!!
وراح في زوايا الشارع يتأرجح وينازع !!
د. أحمد محمود