موقفُ الإسلامِ من الشّعر
يقولُ كثيرون إنَّ الإسلام حاربَ الشعر، وهذه قضية خطرةٌ؛ لإنَّ أصحابها يتحدّثون عن مدى تأثّر لغةِ الشّعر ومعانيه وصوره بالقرآن الكريم؛ لذلك يسمّيها البعض: (قضيّة اللّين) وكثيرٌ من ناقشَ هذه القضيّة، فنجدُ ابن سلّام الجُمحي يقول إنّ الإسلام أضعفَ الحركةَ الشِّعريّة، وذلك لأن العرب انشغلوا بالغزو والجهاد عن الشِّعر وروايته ويضيفُ أن الشُّعراء اهتمّوا بحفظ القرآن الكريم وتفسيره.
وقد أيَّد الأصمعي هذين الرّأين حين قال: "إن الشِّعر نَكَدٌ يقوى في الشرّ ويضعفُ في الخير".
ولحسّان بن ثابت رأي قريبٌ من هذا الرّأي، فعندما قيلَ له لانَ شعرُك أو هرمَ يا أبا الحُسام قال: "إنّ الإسلام يحجزُ عن الكذب، والشّعرُ يزيّنه الكذب".
ويقولُ الدكتور سعد دعبيس وأينُ الشعر في عهد رسول الله ﷺ؟ وذلك بسؤالٍ سأله بعضُ المؤرّخين وأجابوا بأن الشّعرَ قلَّ في ذلك العهد وضعفَ؛ إمّا لكراهية القرآن للشعر أو إما لإعجاب المسلمين إعجابًا شديدًا بالقرآن الكريم وسحره البلاغيّ وروعته الفنيّة، وقد ردَّ الدكتور شوقي ضيف على ذلك السّؤال بإيضاحه وضوحًا لا مجال للشكّ فيه، حيثُ كذّب زعمهم وأورد نماذجَ كثيرةً من شعر الشعراء المخضرمين في عهد الرسول ﷺ وقال: "إن الشعرَ ازدهر بتأثير القرآن والإسلام ولم يضعف".
ونحنُ نرى أن الإسلام له موقفهُ من الشعر، فهو لم يضع الشعر في سلّة واحدة، بل وضع لكل غرض رأيًا معقولًا ومقبولًا، فالإسلام له موقفه من الهجاء والمديح والوصف والغزل..