الإنسان بطبعه شخص اجتماعي يألف البشر ، ويحب التعرف على أشخاص جديدة ، وإقامة علاقات في كل مكان ، ولكن هناك علاقات تصحبه للخير ، والصلاح ، ويجد بها نفسه ، وهناك علاقات أخرى يجدها نقمة من الله عز وجل ، واختبار له فلا تتوافق مع مبادئه ، وأخلاقياته ، وسلوكه ، وهنا يبدأ الشخص يفكر في كيفية التعامل من هؤلاء الأشخاص فينصحهم ، أو يتغافل عنهم ، ويعاملهم بما هو أحسن ، أو يتجاهلهم ففي التجاهل إهمال نتيجة كثرة أخطائهم في حقه سوء تعاملهم معه ، ومعنى أن يتجاهل الشخص أحد أي أنه أصبح لا يعني له شيء ، ولا يشعر من ناحيته بحب ، أو ود ، أو رأفة سواء كان قريبًا منه في يوم من الأيام ، أو بعيد ، ومعرفته به سطحية.
فن تجاهل الآخرين
يعد التجاهل فن من فنون الحياة ، والتعاملات مع البشر ففي حياتنا نُقابل أصناف متعددة من البشر تختلف في الأطباع ، والشكل ، والمظهر ، ولكل منهم معاملته التي تليق به فالتجاهل لا يأتي من خطأ واحد ، أو ذلة لسان ، أو قول سيء دون قصد ، ولكنه يحدث بعد تكرار الأخطاء أكثر من مرة بأكثر من شكل فيصبح الشخص لا يتحمل هذه العلاقة ، ولا يريدها في حياته ، ومن هنا يأتي التجاهل ، وله مجموعة من الصور ، والأشكال فمنه :
التجاهل لشخص
ويتمثل هذا النوع في تجاهل الفرد لشخص ما قام معه بالعديد من المواقف المُؤذية ، والمُنفرة التي جعلته يغلق صفحة هذا الشخص ، ويمحيه من حياته فيتجاهله ، وكأنه لم يكن في حياته سابقًا إلى أن يعود إلى عقله ، ويندم ، ويعتذر عما فعله ، ويُقِر بخطأه فأثبتت الدراسات ، والتجارب أن التجاهل لفترة يجعل الشخص يُعيد حساباته ، كما يضع كل شخص في مكانه المناسب.
تجاهل الذكريات
هناك مجموعة من الأشخاص جمعتكم ذكريات ، ومواقف حياتية كثيرة ، ولكنها ذكريات كاذبة ، ومواقف مؤلمة فتود لو أنك لم تمر بهذه الأيام ، ولا تتذكر هذه المواقف فهنا ما يسمى بتجاهل المواقف المؤلمة ، والذكريات فيقوم الشخص بترك هذه المواقف ، والذكريات ، وجعلها خلف ظهره ، وتفتح صفحة جديدة ، وتجعلها بداية أيام جديدة ، وسعيدة بأشخاص جديدة تجمع بينهم ذكريات طيبة ، وجميلة ، ومواقف صادقة ، ومحترمة كي يستمتع بالحياة ، ويجعل من هذه الذكريات حافزًا قويًا لحياته القادمة.
تجاهل الكلمات المسيئة
وفي هذا النوع مثال حي حدث في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم فهو قدوتنا ، وشفيعنا يوم القيامة ، وذلك عندما سبه كفار قريش بأقذر الألفاظ فكانوا لا يذكرون اسمه على ألسنتهم ، ولكن يُنادونه بالذم ، والشتيمة فكان رده في هذا الموقف أنه قال : ” ألا تعجبون كيف يصرف الله عني شتم قريش ولعنهم يشتمون مذممًا ويلعنون مذممًا وأنا محمد “ كما هناك دليل من القرآن الكريم فتحدث الله عز وجل في كتابه العزيز عن الإساءة ، وأمرنا بالتجاهل لأخذ الأجر ، والثواب منه في الدنيا ، والآخرة حيث قال في سورة الفرقان : ” وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63) “ ، وقصد الله تبارك وتعالى الجاهل في هذه الآية بالسفيه الذي يقول ما لا يفهم ، ولا يضع لكلماته وزنًا ، ولا حساب فيلقي بالحديث ، والكلمات من غير تفكير ، ودون إدارك لمعايير الأخلاق ، والسلوك العام لذلك أمرنا الدين الإسلامي بالابتعاد ، والإعراض عن هذا النوع من البشر ، وورد ذلك في قول الله عز وجل في سورة القصص : ” وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ (55) “.[1]
كلمات وحكم عن التجاهل
- من حسن الخُلُق أن يتغافل الفرد ، ويتجاهل كل ما يؤذيه ، ولا يقبل به.
- التجاهل ، والتغافل من أفعال الكرام ، ومن أرقى أساليب العقاب التي تجعل الشخص المسيئ يشعر بالأسف ، والندم على أفعاله ، وسلوكياته.
- التجاهل الذكي هو الذي يجعلك في غنى عن الرد فهناك أشخاص لا يستحقوا الجدال.
- التجاهل وقت الغضب ذكاء فلا داعي للانفعال ، والغضب ، والتوتر فكل هذه الأشياء تؤثر بالسلب على صحتك ، وأعصابك ، وعقلك.
- ابتسم ، وتمسك بالهدوء مع من يُثيروا الغضب ، والانفعال بداخلك فهذا الأمر أكثر شيء يُغضبهم.
- لا بد من إتقان التجاهل حتى تحقق الهدف من وراءه.
- إذا تعلمت فن التجاهل تكن اجتزت نصف مشاكل الحياة.
- الشخص العاقل ، والحكيم هو الذي لا يُدقق في أفعال ، وحركات الآخرين ، ويتجاهل كل ما يؤذيه.
- في بعض الأحيان يعتبر التجاهل درس مفيد ، وفعال يتعلم منه البشر آداب التعامل مع الآخرين ، والحديث معهم.
- لا تمنح اهتمامك ، وتشغل تفكيرك إلا لمن يستحق فالحياة فرصة عليك أن تعيشها بسعادة ، وراحة بال فالتجاهل هو الحل الأمثل.
- من سلوكيات التعامل مع البشر التزام الصراحة ، والصدق في القول ، والفعل ، وإلا التجاهل فلا يعلم أحد ما تشعر به.
- يعتبر فن التجاهل انتقام راقٍ لفقراء الأدب ، والأخلاق.
- التجاهل أفضل رد فعل لمن لا يصلح معه النقاش ، والكلام.
- تجاهل الأشخاص ، والأفعال ، والأقوال من الأمور التي لا بد أن تتدرب عليها جيدًا فليس كل أمر يستحق منك الوقوف.
- في التجاهل راحة فهناك أوقات تريد فيها تجاهل الحياة ، وتجاهل البشر ، والذكريات ، والأقوال لتسعد في معيشتك ، وتُريح تفكيرك من كل ما هو مؤلم.
- يبقى التجاهل أسوء أنواع الوداع، والعقاب.
- تجاهل كل ما يسبب لك الأذى ، والضرر ، أو الخوف ، والحزن فلا تجنِ من كل هذا سوى الحسرة ، والمرض.
- تعلمت في الدنيا ، والحياة العديد من الدروس أبرزها التجاهل في معاملة من لا يستحق.
- التجاهل يأتي من المواقف ، وليست هناك ظروف تجبر شخص على تجاهلك.
- الإفراط في منح الاهتمام لكل الأشخاص تصرف غير حكيم فلكل شخصية المعاملة الخاصة بها فعامِل البشر بما تحب أن يُعاملونك به ، ولكن لا بد من التأكد أنهم يستحقوا المعاملة الطيبة.
- هناك أشخاص لا تستحق الرد ، ويُصبح التجاهل هو الحل ، والطريقة المُثلى لهم.
- لا بد من التجاهل في بعض الأحيان فليس من الضروري أن نقف على كل كلمة ، أو كل تصرف يصدر من الآخرين فالحدة عند كل تصرف تُولد الكره ، وتعتبر أسلوب خاطئ في التعامل مع البشر.
- التجاهل يصلح مع الأشخاص التي تُشبه الأشجار الصناعية مهما سقيتها من المعروف لا تجد لها ثمار.
- أقوى درجات الإهمال هي التجاهل فمعنى أنك تجاهلتني أي قررت أن تقطع كل ما يربطنا سويًا.
لابد من الحرص عند اختيار الأصدقاء ، والأحبة ، وبناء المعارف على أساس ثابت من الحب ، والاحترام حتى تتمتعوا بعيش سعيد.