شيكسبير عالما نفسيا..!!
لم يكن " الكسندر دوماس " مبالغا لما قام من مقعده وهو يشاهد مسرحية هاملت فصرخ : ان هذا الاليزابيثي
هو اعظم الخالقين بعد الله...!!!!
كيف استطاع شيكسبير ببراعه ان يسبر اغوار النفس البشريه..؟؟...مؤكد انه مهد الطريق " لدوستويفسكي
"بشخصياته الوجوديه...ومؤكد ايضا انه هو من صنع " فرويد "...فقبل شيكسبير لم يكن احد يعبئ بنفسية الانسان
...بل ان الاهتمام كله كان مصبوبا على مايفعله الانسان...
يأتي هاملت لوطنه فيفاجئ ان ابوه مات...وان عمه تزوج امه...وان عمه صار هو الملك بدلا عنه...وفي احد
الليالي يأتيه شبح ابيه ليخبره بالتالي : انا كنت نائما مع زوجتي... فسكب عمك السم في اذني بواسطه دورق...
هنا يمكن ان نتسائل : ماذا لو كنا مكان هاملت..؟..هل سنصدق الاشباح ونرتكب جنايه...؟..ولكن من المستفيد
من موت الملك.....؟ وكيف تتزوج امه الارمله من عمه...هل هي مشتركه في الجريمه....؟
لو كنا مكان هاملت لاستحال علينا معرفه الحقيقه...بل هي مستحيله....ولكن ماذا لو دخلنا لنفوس المتهمين....
الى نفسية عمه بالتحديد....ولكن كيف...؟...وهل من اليسر معرفه نفسية الانسان...؟
ان دراسه حديثه اثبتت انه من الصعب معرفه نفسيه الرجل(تحديدا) ...فلا يمكن معرفتها من خلال تعابير وجهه
...فكيف يحل هاملت او شيكسبير تلك المشكله....؟
وما الذي يمكن ان يقوله هاملت او يفعله حتى يعترف له عمه بانه قتل اباه...؟
في البدايه ادعى الجنون..!!...لماذا...؟...
فرويد في كتابه " تفسير الأحلام " يفسير سلوك هاملت على انه يسلط الضوء على أعماق النفس
البشرية.. كان فرويد في دراسته للأحلام يسأل المرضى الذين يراجعوه عن أحلامهم ..ومحاولته
لربط معاني تلك الأحلام بما يعانيه المرضى.. ثم بدأ فرويد بتحليل أحلامه الشخصية ..محاولا فك
كل رمز الاحلام.... أن فرويد كان يرى أن الحلم واليقظة متصلان....فكيف يعرف هاملت احلام عمه
...وكيف يسبر اغوار نفسه...؟
" راسكو لنيكوف " بطل رواية الجريمه والعقاب لدوستو يفسكي...قتل المرابيه ولا يوجد اي دليل عليه
...الشرطه تشك فيه...فتلعب معه لعبة القط والفأر....وهو يمشي ليلا يقترب منه شخص...فيسيران معا..!!..
.ويبقيان يسيران....ثم يتوقف الرجل الغريب...فيتوقف " راسكو لنيكوف "..!!.
...يقول الرجل له : قاتل...!!...ويمضي..ويبقى " راسكو لنيكوف مسمرا بالارض"....
يقول الامام علي : مااضمر امرء شيئا...الا وفضحه فلتات لسانه ونظرات عينيه...
....لكن شيكسبير يضيف : ونفسيته...!!
فكر هاملت ان يخرج مسرحيه متواضعه بحضور امه وعمه...وفي المسرحيه يوجد ملك ينام مع زوجته
...وياتي اخاه فيسكب السم من دورق في اذنه وهو نائم...ثم يتزوج زوجته...(طبعا بشكل كوميدي)!!!..
وسينظر هاملت ليرى ردة فعل عمه...كما يقول المثل : يكاد المريب ان يقول خذوني...!!
لما يشاهد عمه ذلك المقطع الذي يتم فيه سكب السم باذن الملك...ينهار...ويجد صعوبه بالتنفس...وينهض
واقفا..ويتسائل لما القاعه مظلمه...؟.بل ويركض خارجا من القاعه وهو يصرخ : اريد هواء...اريد هواء....اريد هواء...!!!
تخلت نفسية " الملك " عن عقل "الملك" ...واخذه الانفعال من كل جانب...لم يبقى من شك امام هاملت ان عمه هو القاتل...وعليه ان يأخذ بثأر ابيه.....
..............وتلك حكايه اخرى...ففي كل مفصل من مفاصل مسرحية هاملت دروس لاتنتهي من علم النفس