قصيدة زحف العروبة للشاعر عبدالله البردوني
لــبّــيــك وازدحـــمـــت عـــلـــى الأبــــــواب
صــــبـــوات أعـــيـــاد وعــــــرس تــصــابــي
لــبّــيــك يـــابـــن الـــعـــرب أبـــــدع دربـــنــا
فـــتـــن الــجــمــال الــمــسـكـر الـــخـــلّاب
فــتــبــرّجـت فــــيـــه الــمــبـاهـج مــثــلـمـا
تـــــتــــبــــرّج الـــــــغــــــادات لـــــلــــعــــزّاب
واخـــضــرّت الأشـــــواق فـــيــه والــمــنـى
كــالــزهــر حـــــول الـــجــدول الــمـنـسـاب
ومــضــى بــــه زحــــف الـعـروبـة والــدنـى
تـــرنــو ، وتــهـتـف عــــاد فــجــر شــبـابـي
إنّــــــــا زرعــــنــــاه مــــنــــى وجــمــاجــمـا
فـــنــمــا وأخـــصـــب أجــــــود الإخـــصـــاب
ويـــــحــــدّق الـــتـــاريــخ فــــيــــه كــــأنّــــه
يــتــلـو الــبـطـولـة مـــــن ســطــور كــتــاب
عـــاد الـتـقـاء الــعـرب فـاهـتـف يـــا أخـــي
لـلـفـجـر ، وارقـــص حـــول شـــدو ربــابـي
واشــرب كـؤوسـك واسـقـني نـخب الـلّقا
واســكــب بــقـايـا الــــدنّ فــــي أكــوابــي
هــــذي الـهـتـافـات الـسـكـارى و الـمـنـى
حــــولـــي تــنــاديـنـي إلــــــى الأنـــخـــاب
خــلــفــي وقـــدّامـــي هـــتــاف مـــواكــب
وهـــــوى يــزغــرد فــــي شــفــاه كــعــاب
والــزهــر يــهـمـس فــــي الــريــاض كــأنّـه
أشــــعـــار حـــــــبّ فـــــــي أرقّ عــــتـــاب
والــجــوّ مــــن حــولــي يــرنـحـه الــصــدى
فــيــهــيــم كــالــمــسـحـورة الـــمـــطــراب
والــــريــــح ألــــحــــان تــــهـــازج ســـيــرنــا
والــشــهــب أكــــــواب مــــــن الأطـــيـــاف
إنّـــــــــا تـــوحّـــدنــا هــــــــوى ومـــصـــائــرا
وتــــــلاقـــــت الأحـــــبـــــاب بــــالأحـــبـــاب
أتـــــرى ديـــــار الــعــرب كــيــف تــضـافـرت
فـكـأنّ ( صـنـعا ) فـي ( دمـشق ) روابـي
وكـأنّ ( مـصر ) و ( سوريّا ) في ( مأرب )
عـــلــم وفـــــي ( صــنــعـا ) أعـــــزّ قــبــاب
لاقـــى الـشـقـيق شـقـيـقه ، فـاسـألهما
كــيــف الــتـلاقـي بــعــد طــــول غــيــاب ؟
الـيـوم ألـقـى فـي ( دمـشق ) بـني أبـي
وأبــــثّ أهــلــي فـــي الـكـنـانة مـــا بـــي
وأبــــثّ أجــــدادي بــنــي غــسّــان فــــي
ربـــــوات ( جـــلّــق ) مـحـنـتـي وعــذابــي
وأهـــيـــم والأنـــســام تــنــشـر ذكـــرهــم
حـــولـــي فــتــنـضـح بــالــعـطـور ثــيــابــي
وأهــــزّ فــــي تــــرب ( الـمـعـرّة ) شــاعـرا
مــثــلــي: تـــوحّـــد خــطــبــة ومــصــابــي
وأعـــود أســـأل ( جـلّـقـا ) عـــن عـهـدهـا
( بــــأمـــيّـــة ) و بــفــتــحـتـهـا الـــــغــــلّاب
صـــور مـــن الـمـاضـي تـهـامـس خـاطـري
كـــتــهــامــس الـــعـــشّــاق بــــالأهــــداب
دعـــنـــي أغــــــرّد فــالــعـروبـة روضـــتـــي
ورحــــــاب مــوطــنـهـا الــكــبـيـر رحـــابـــي
( فدمشق ) بستاني و ( مصر ) جداولي
وشــعـاب ( مـكّـة ) مـسـرحي وشـعـابي
وســمــاء ( لــبـنـان ) ســمــاي ومـــوردي
( بــــردى ) ودجــلــة والــفــرات شــرابــي
وديــــــار ( عـــمّـــان ) ديــــــاري.. أهــلــهـا
أهـــلــي وأصـــحــاب الـــعــراق صــحـابـي
بــل إخـوتـي و دم ( الـرشـيد ) يـفـور فـي
أعــصــابـهـم ويـــضـــجّ فــــــي أعــصــابــي
شـــعــب الـــعــراق وإن أطــــال ســكـوتـه
فـــســـكـــوتــه الإنـــــــــــذار لـــــلإرهـــــاب
ســـل عــنـه ســـل عــبـد الإلـــه وفـيـصـلا
يــبــلــغــك صــرعــهــمــا أتـــــــمّ جـــــــواب
لــــن يــخـفـض الـهـامـات لـلـطـاغي ولـــم
تـــخـــضـــع رؤوس الـــــقــــوم لــــلأذنــــاب
وطـــــــن الــعــروبــة مــوطــنــي أعـــيـــاده
عــيــدي ، وشــكــوى إخــوتــي أوصــابـي
فــاتـرك جـنـاحـي حــيـث يـهـوى يـحـتضن
جـــــــوّ الـــعــروبــة جــيــئـتـي وذهـــابـــي
يـــا ابـــن الـعـروبـة شــدّ فــي كـفّـي يــدا
نـــنـــفــض غــــبــــار الــــــــذلّ والأتــــعـــاب
فــهــنـا هــنــا الــيـمـن الـخـصـيـب مــقـابـر
ودم مــــــبـــــاح واحــــتـــشـــاد ذئــــــــــاب
ذكّـــره بـالـمـاضي عــسـى يـبـني عـلـى
أضـــــوائــــه مـــــجــــدا أعـــــــــزّ جــــنــــاب
ذكّـــــــــره بـــالــتــاريــخ واذكـــــــــر أنّــــــــه
شــعــب الــحـضـارة مــشـرق الأحــسـاب
صــــنـــع الـــحــضــارة والـــعــوالــم نـــــــوّم
والـــدهــر طـــفــل فـــــي مـــهــود تـــــراب
ومـشـى عـلـى قـمـم الـدهـور إلـى الـعلا
وبــنــي الــصـروح عــلـى ربـــى الأحــقـاب
وهــدى الـسـبيل إلــى الـحـضارة والـدنى
فـــي الـتـيـه لـــم تـحـلـم بـلـمـح شــهـاب
فـمـتـى يـفـيـق عــلـى الــشـروق ويـومـه
يـــبـــدو ويــخــفـي كــالـشـعـاع الــخــابـي
يــــا شــعــب مــــزّق كــــلّ طـــاغ وانــتـزع
عــــــــن ســـاقــيــك مـــهــابــة الأربـــــــاب
واحـــــذر رجــــالا كــالـوحـوش كـسـوتـهـم
خــلــعــا مــــــن ( الأجـــــواخ ) والألـــقــاب
خــنــقــوا الـــبــلاد وجـــورهــم وعــتــوّهـم
كـــــلّ الـــصــواب وفـــصــل كــــلّ خــطــاب
لــــم يـحـسـبـوا لـلـشـعـب لــكــن عــنــده
لــلــعـابـثـيـن بــــــــه أشــــــــدّ حــــســـاب
صـمـت الـشـعوب عـلـى الـطغاة وعـنفهم
صــمـت الـصـواعـق فـــي بـطـون سـحـاب
فـــاحــذر رجــــالا كــالـوحـوش هـمـومـهـم
ســـلــب الــحــمـى والــفـخـر بــالأســلاب
شــهــدوا تــقـدّمـك الــسـريـع فــأسـرعـوا
يــتــراجــعـون بـــــــه عــــلـــى الأعـــقـــاب
لــــم يـحـسـنـوا صــدقـا ولا كــذبـا ســـوى
حـــيـــل الــغــبــيّ وخـــدعــة الـمـتـغـابـي
قــــــل لـــلإمـــام: و إن تــحــفّــز ســيــفــه
أعــــوانــــك الأخــــيــــار شــــــــرّ ذئــــــــاب
يـــومـــون عـــنـــدك بــالـسـجـود وعــنــدنـا
يــــــومــــــون بــــالأظــــفـــار والأنــــــيـــــاب
هــــم فــــي كـراسـيـهـم قـيـاصـرة وهـــم
عــــنــــد الأمــــيـــر عـــجــائــز الـــمــحــراب
يــتــمـلّـقـون و يــبــلــغـون إلــــــى الـــعـــلا
بـــخــداعــهــم وبـــأخـــبـــث الأســـــبــــاب
مـــــن كـــــلّ مــعــسـول الــنــفـاق كــأنّــه
حــسـنـا تــتـاجـر فــــي الــهــوى وتــرابـي
وغـــدا سـيـحـترقون فــي وهــج الـسـنى
وكـــأنّـــهــم كــــانــــوا خـــــــداع ســـــــراب
وتـفـيق ( صـنـعاء ) الـجـديد عـلى الـهدى
والـــوحـــدة الــكــبــرى عـــلـــى الأبـــــواب