ودع هريرة إن الركب مرتحل وهل تطيق وداعا أيها الرجل – معلقة الأعشى
تضم معلقة الأعشى 66 بيتاً، وهي قصيدة نظمها الأعشى على البحر البسيط، ويُعدها العرب من ضمن المعلقات العشر، هذه القصيدة موجه إلى يزيد بن شيبان، ولوم الشاعر له وافتخاره على قومه بالبلاء الأوفى بالحرب، يبين الأعشى في القصيدة الحب الفاشل، وكيف أن الرجل قد يحب فتاة لا تحبه بل تحب رجل غيرة، والرجل الآخر المحبوب قد يكون لا يحبها، ويبين كيف للعلاقات الفاشلة أن تتشابك.
وقد كشف الأعشى الجانب الآخر من الحياة البشرية، جانب علاقات الحب والانفعالات والصدود، حتى تحولت هذه الابيات مضرب المثل، لصدق مشاعرها وانطباقها على أحداث الناس في الجانب العاطفي من حياتهم، ولواقعيتها وبلاغتها في تركيز الصورة والحكمة معاً.
من هو الأعشى
هو ميمون بن قيس بن جندل بن شراحيل بن عوف بن سعد بن ضُبيعة، يرجع نسبه إلى علي بن بكر بن وائل، وينتهي إلى ربيعة بن نزار. ولد وتوفي في قرية منفوحة في اليمامة، يقال أنه ادرك الإسلام ولم يسلم. يعرف بأعشى بكر بن وائل، والأعشى الكبير، وهو من شعراء الطبقة الأولى في الجاهلية وأحد أصحاب المعلقات.
نص معلقة الأعشى
ودع هـــــريــــرة إن الـــــركــــب مـــرتـــحــل
وهـــــل تــطــيـق وداعـــــا أيـــهــا الـــرجــل
غـــــــراء فــــرعـــاء مــصــقــول عــوارضــهــا
تمشي الهوينا كما يمشي الوجي الوحل
كـــــأن مـشـيـتـهـا مـــــن بـــيــت جــارتــهـا
مـــــــر الــســحـابـة لا ريــــــث ولا عـــجـــل
تـسـمـع لـلـحـلي وســواسـا إذا انـصـرفـت
كــمــا اســتـعـان بــريــح عــشــرق زجــــل
لــيـسـت كــمـن يــكـره الـجـيـران طـلـعـتها
ولا تــــراهــــا لــــســـر الــــجـــار تــخــتــتـل
يــــكــــاد يــصــرعــهــا لـــــــولا تـــشــددهــا
إذا تــــقـــوم إلــــــى جــاراتــهــا الــكــســل
إذا تـــعـــالــج قــــرنــــا ســــاعـــة فــــتـــرت
واهـــتــز مــنـهـا ذنــــوب الــمـتـن والــكـفـل
مــــلء الــوشــاح وصــفــر الــــدرع بـهـكـنـة
إذا تــــأتـــى يــــكـــاد الـــخــصــر يـــنــخــزل
صــــــدت هـــريـــرة عـــنـــا مــــــا تــكـلـمـنـا
جــهــلا بــــأم خــلـيـد حــبــل مــــن تــصــل
أأن رأت رجـــــــلا أعـــشـــى أضــــــر بــــــه
لــــلــــذة الــــمــــرء لا جـــــــاف ولا تــــفـــل
هــــركــــولـــة فـــــنـــــق درم مـــرافـــقــهــا
كــــــأن أخــمـصـنـهـا بــالــشــوك مــنــتـعـل
إذا تـــقـــوم يـــضـــوع الــمــســك أصــــــورة
والــزنــبـق الــــورد مــــن أردانــهــا شــمــل
مـــا روضـــة مـــن ريــاض الـحـزن مـعـشبة
خــضــراء جــــاد عـلـيـهـا مــسـبـل هــطــل
يـضـاحـك الـشـمس مـنـها كـوكـب شــرق
مــــــــؤزر بــعــمــيــم الـــنـــبــت مــكــتــهـل
يـــومـــا بــأطــيـب مــنــهـا نـــشــر رائـــحــة
ولا بــأحــســن مــنــهــا إذ دنــــــا الأصـــــل
عــلــقــتـهـا عــــرضـــا وعـــلــقــت رجـــــــلا
غــيــري وعــلــق أخــــرى غـيـرهـا الــرجـل
وعـــلـــقــتــه فـــــتــــاة مـــــــــا يـــحـــاولـــه
مــــن أهــلـهـا مــيــت يــهـذي بــهـا وهـــل
وعــلــقـتـنـي أخـــيـــرى مــــــا تــلائــمـنـي
فــاجــتـمـع الـــحـــب حـــبـــا كـــلـــه تـــبــل
فــكــلــنــا مــــغــــرم يــــهـــذي بــصــاحــبـه
نـــــــــــاء ودان ومــــحـــبـــول ومـــحـــتــبــل
قـــالـــت هـــريــرة لـــمــا جـــئــت زائـــرهــا
ويــلــي عــلـيـك وويــلـي مــنـك يـــا رجـــل
يــــا مـــن يـــرى عــارضـا قـــد بـــت أرقــبـه
كــأنـمـا الــبــرق فــــي حــافـاتـه الــشـعـل
لــــــــه رداف وجــــــــوز مــــفــــأم عــــمــــل
مـــنــطــق بـــســجــال الــــمـــاء مـــتــصــل
لـــــم يـلـهـنـي اللهوعــنــه حــيــن أرقــبــه
ولا الـــلــذاذة مـــــن كـــــأس ولا الــكـسـل
فـقـلـت لـلـشرب فــي درنــي وقــد ثـمـلوا
شـيـمـوا وكــيـف يـشـيم الـشـارب الـثـمل
بــرقــا يــضــيء عــلــى أجـــزاع مـسـقـطه
وبــالــخــبـيـة مــــنــــه عـــــــارض هــــطـــل
بــرقــا يــضــيء عــلــى أجـــزاع مـسـقـطه
وبــالــخــبـيـة مــــنــــه عـــــــارض هــــطـــل
قـــالــوا نــمــار فــبـطـن الــخــال جــادهـمـا
فــالــعــسـجـديـة فـــــالأبــــلاء فـــالـــرجـــل
فــالــسـفـح يـــجـــري فــخــنـزيـر فــبـرقـتـه
حـــتــى تـــدافــع مـــنــه الـــربــو فــالـجـبـل
حـــتــى تــحــمـل مـــنــه الـــمــاء تــكـلـفـة
روض الــقـطـا فـكـثـيـب الـغـيـنـة الــسـهـل
يـسـقـي ديـــارا لــهـا قـــد أصـبـحـت عـزبـا
زورا تــجــانــف عــنــهـا الـــقــود والـــرســل
وبــلــدة مــثــل ظــهــر الــتــرس مـوحـشـة
لــلــجـن بــالـلـيـل فـــــي حـافـاتـهـا زجــــل
لا يــتــمــنــى لــــهـــا بــالــقــيـظ يــركــبــهـا
إلا الـــذيـــن لـــهـــم فــيــمـا أتـــــوا مـــهــل
جـــاوزتــهــا بــطــلــيـح جـــســـرة ســــــرح
فـــــي مـرفـقـيـهـا إذا اسـتـعـرضـتها فــتــل
إمـــــــا تـــريــنــا حــــفـــاة لا نـــعـــال لـــنـــا
إنــــــا كـــذلـــك مــــــا نــحــفــى ونــنــتـعـل
فــــقـــد أخـــالـــس رب الــبــيــت غــفــلـتـه
وقـــــد يـــحــاذر مـــنــي ثـــــم مـــــا يـــئــل
وقـــــد أقـــــود الــصـبـى يــومــا فـيـتـبـعني
وقــــــد يــصـاحـبـنـي ذوالـــشـــرة الـــغــزل
وقــــد غــــدوت إلــــى الــحـانـوت يـتـبـعني
شــــاو مــشـل شــلـول شـلـشـل شـــول
فـــي فـتـيـة كـسـيـوف الـهـنـد قــد عـلـموا
أن لــيـس يـدفـع عــن ذي الـحـيلة الـحـيل
نــازعــتــهـم قـــضـــب الــريــحــان مــتــكـئـا
وقـــــهــــوة مــــــــزة راووقــــهــــا خــــضــــل
لا يـسـتـفـيـقون مــنــهـا وهـــــي راهـــنــة
إلا بـــــهـــــات وإن عـــــلــــوا وإن نـــهـــلـــوا
يــسـعـى بــهــا ذو زجــاجــات لــــه نــطـف
مــقــلــص أســـفــل الــســربـال مــعـتـمـل
ومـسـتـجـيـب تـــخــال الــصـنـج يـسـمـعـه
إذا تــــرجــــع فــــيـــه الــقــيــنـة الـــفــضــل
مــــن كــــل ذلــــك يــــوم قـــد لــهـوت بـــه
وفـــــي الــتــجـارب طـــــول اللهو والـــغــزل
والــســاحــبــات ذيـــــــول الــــخـــز اونـــــــة
والـــرافـــلات عـــلــى أعــجــازهـا الــعــجـل
أبـــلـــغ يـــزيـــد بـــنــي شــيــبـان مــألــكـة
أبـــــــا ثـــبــيــت أمـــــــا تـــنــفــك تـــأتــكــل
ألـــســت مـنـتـهـيـا عـــــن نـــحــت أثـلـتـنـا
ولـــســت ضــائــرهـا مـــــا أطـــــت الإبـــــل
تـــغــري بـــنــا رهـــــط مــسـعـود وإخــوتــه
عـــنـــد الــلــقــاء فـــتـــردي ثـــــم تــعــتـزل
لأعـــرفـــنــك إن جــــــــد الــنــفــيــر بــــنــــا
وشـــبــت الـــحــرب بــالـطـواف واحـتـمـلـوا
كـــنـــاطــح صــــخــــرة يــــومـــا لــيـفـلـقـهـا
فـــلــم يــضـرهـا وأوهــــى قــرنــه الــوعــل
لأعــــرفــــنـــك إن جــــــــــدت عــــداوتـــنـــا
والـتـمـس الـنـصـر مـنـكـم عـــوض تـحـتمل
تـــلـــزم أرمــــــاح ذي الــجــديـن ســورتــنـا
عــــنــــد الـــلــقــاء فــتــرديــهـم وتـــعــتــزل
لا تـــقـــعــدن وقــــــــد أكــلــتــهـا حـــطــبــا
تـــعـــوذ مــــــن شـــرهــا يـــومــا وتــبـتـهـل
قــد كــان فــي أهــل كـهف إن هـم قـعدوا
والــجـاشـريـة مـــــن يــســعـى ويــنـتـضـل
ســائــل بــنــي أســـد عــنـا فــقـد عـلـمـوا
أن ســــوف يــأتـيـك مــــن أنـبـائـنـا شــكـل
واســــــأل قــشــيــرا وعـــبـــد الله كــلــهـم
واســـــأل ربــيــعـة عـــنــا كـــيــف نـفـتـعـل
إنـــــــــا نــقــاتــلــهـم ثــــمــــت نــقــتــلـهـم
عــنـد الـلـقـاء وهـــم جـــاروا وهــم جـهـلوا
كــــــــلا زعـــمـــتــم بــــأنــــا لا نــقــاتــلـكـم
إنـــــــا لأمــثــالــكـم يـــــــا قــومــنــا قـــتـــل
حـــتــى يـــظــل عــمــيـد الـــقــوم مــتـكـئـا
يـــدفـــع بـــالــراح عـــنــه نـــســوة عـــجــل
أصــــــابـــــه هــــنــــدوانـــي، فــــأقــــصـــده
أو ذابـــــل مـــــن رمـــــاح الــخــط مــعـتـدل
قــــد نـطـعـن الـعـيـر فـــي مـكـنـون فـائـلـه
وقـــــد يــشـيـط عــلــى أرمــاحـنـا الــبـطـل
هــــل تـنـتـهـون ولا يــنـهـى ذوي شــطــط
كـالـطـعـن يــذهــب فــيـه الــزيـت والـفـتـل
إنــــي لــعـمـر الــــذي خــطــت مـنـاسـمها
لــــــه وســـيـــق إلـــيـــه الــبــاقــر الــغــيـل
لــئــن قـتـلـتـم عــمـيـدا لـــم يــكـن صـــددا
لــنــقــتـلـن مـــثــلــه مـــنــكــم فــنــمـتـثـل
لــئــن مــنـيـت بــنــا عــــن غــــب مــعـركـة
لــــم تـلـفـنـا مــــن دمــــاء الــقــوم نـنـتـفل
نــحــن الــفــوارس يــــوم الــحـنـو ضــاحـيـة
جــنــبــي فــطــيـنـة لا مـــيـــل ولا عــــــزل
قـــالــوا الـــركــوب فــقـلـنـا تـــلــك عــادتـنـا
أو تـــنـــزلـــون فــــإنــــا مـــعـــشــر نــــــــزل