.
إذهب إلى ... الرئيسية قصائد عربية قصائد مترجمة قراءات ودراسات مقالات وخواطر نصوص تراثية أخبار وحوارات ثقافية
عبد الغفار العوضي يكتب : ذاكرة الغابة
ذاكرة الغابة
(1)
الأخشاب مثلها مثل الكائنات التى لا تتقن الكراهية ، تحدثنى كثيرا عن عائلتها التى اجتثوها أمام عينيها ، حملوها فوق الشاحنات ، فيما تبكى الأغصان المبتورة كأطفال لا تعرف أين تذهب ، لأول مرة تشعر الشجرة بالحنين إلى أم ما ..
(2)
ولا تعرف كيف تصنع تمثالا من نفسها ( الأخشاب عمياء لا تبصر كيف يتم تقطيعها إلى أطوال وأعراض مختلفة ، ولا أعصاب لها ..لأنها لا تشعر بالدم الداخلى الجاف الذى هرب تماما من الأوردة )
(3)
الأخشاب تتحسس أعضاءها المقطوعة وتبكى ..
كجثة ترى وجه قاتلها ،
ولا تعرف كيف تصرخ !
(4)
أحمل الأخشاب على كتفى / تاريخا من ذاكرة الغابات ..
داخل الدواليب تختبئ أسرار وجودية هائلة
وتحت الأسرة ربما تنام حشرات ضئيلة ، خرجت من جروح غائرة فى جسد الخشب ،
(5)
هل تفقه الأشجار عبادة النار
التى تأكل حواسها ..
(6)
أنا نجار ..أكلم الأخشاب طويلا عن الحرب والجوع والعطش ، عن آلام الهجرة الطويلة ..برودة البيت بلا عصافير ..
أصنع بيوتا مؤقتة لغرباء لا يأتون /
أنا نجار ..
أحمل جثث الأشجار على كتفى
وأغفر لها كل ذنوب الحطابين
الذين عادوا
بأرواح تنغرس فى منتصفها فؤوس الندم
لأنهم يعرفون أن القتل يخزن مرارة ثقيلة داخل العظام
وهم يعودون إلى المدن البعيدة على الأطراف
يحملون موتى
بلا توابيت !
(7)
أين تقع الغابات
فى كل تلك الجغرافيا من الجذور الميتة !
منقوول