اخضرار شجرة وإثمارها بيد الإمام عَلِيّ (عليه السّلَام)
الحمدُ لله ربّ العالمين، والصَّلَاة والسَّلَام على أشرف الخلق والمرسلين، أبي القاسم مٌحَمَّد وآله الطَّيِّبين الطَّاهِرين، والغرّ الميامين المنتجبين، واللَّعن الدَّائم على أعدائِهم إلى قيامِ يوم الدِّين...
أمَّا بعد...
فإنَّ من فضائل الإمام عَلِيّ بن أبي طالب (عليه السَّلَام)، اخضرار شجرة الرّمَّان، بعد أن يبست عروقها وماتت، وكان أمر رجوعها إلى الحياة، أمرًا صعبًّا إلَّا بمشيئة الله العَلِيّ القدير (سبحانه وتعالى)، وإنَّه جلّت قدرته قد أعاد لها الحياة كرامة للإمام عَلِيّ بن أبي طالب (عليه السَّلَام).
وهذا الأمر حدث عند قدوم مجموعة على الإمام عَلِيّ بن أبي طالب (عليه السَّلَام) من مبغضيه، وكان عنده (عليه السَّلَام) مجموعة من محبّيّه، فبعدما أدوا التَّحيّة عليه (عليه السَّلَام)، أمرهم بالجلوس، وهذا ما روي عن أبي جعفر، عن آبائه (عليهم السَّلَام): (أنّ الحُسَين بن عَلِيّ (عليهما السَّلَام) قال: كُنّا قُعُوداً ذاتَ يَوْم عِنْدَ أَميرِ الْمُؤْمِنينَ (عليه السَّلَام)، وَهُناكَ شَجَرَةُ رُمّان يابِسَةٌ، إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ نَفَرٌ مِنْ مُبْغِضيهِ، وَعِنْدَهُ قَوْمٌ مِنْ مُحِبّيهِ فَسَلَّمُوا، فَأَمَرَهُمْ بِالْجُلُوسِ)[1].
وأراد أن يُبيّن (عليه السَّلَام) لهم آية من آيات الله تعالى وفضيلة من فضائله، فَقالَ (عليه السَّلَام): (إنّي أريكم اليوم آية تكون فيكم كمثل المائدة في بني إسرائيل إذ يقول الله: ﴿إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ﴾[2] ثم قال: انظروا إلى الشَّجرة وكانت يابسة، فإذا هي قد جرى الماء في عودها، ثم اخضرت وأورقت وعقدت، وتدلى حملها على رؤوسنا، ...، وتناولوا وكلوا، فقلنا: بسم الله الرحمن الرحيم وتناولنا وأكلنا رمانا لم نأكل قط شيئا أعذب منه وأطيب)[3].
فهل يبقى أدنى شكّ في قلب من عرف منزلة أمير المؤمنين الإمام عَلِيّ بن أبي طالب (عليه السَّلَام)، من الله تعالى ورسوله الكريم (صلَّى الله تعالى عليه وآله)، ولم يدخل الإيمان في قلبه بحبّه (عليه السَّلَام) وموالاته؟ فالجواب: بكلّ تأكيد إن من شكّ فيه وفي فضيلة من فضائله وبمنزلته وبمكانته من الله تعالى ونبيّه الأكرم مُحَمَّد (صلَّى الله عليه وآله)، التي أُعطيت من الله تعالى له، ففي تكوينه الخُلُقيّ شكّ ودنس من الشّيطان.
فروي عن رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) فيمن شكّ بمنزلة الإمام عَلِيّ (عليه السَّلَام) وعظمته عند الله تعالى ومرتبته، ما روي عن الإمام عَلِيّ السَّجَّاد بن الإمام الحُسَين الشَّهِيد (عليهما السَّلَام) إنَّه قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) للإمام عَلِيّ بن أبي طالب (عليه السَّلَام): (يا عَلِيّ، أنت خير البشر، لا يشك فيك إلَّا من كفر)[4]، فهذا الكلام تأكيد لكلامنا لمن كان يبغض الإمام عَلِيّ (صلوات الله تعالى وسلامه عليه)، بل يدخل ضمن هذا الإطار كلّ من تعدَّى على آل بيت الرَّسول (صلوات الله تعالى عليه وعليهم).
وهذا الذي جئنا به من فضائل الأمير (عليه السَّلَام)، ما هو إلَّا قطرة من بحر أو هو أدنى من ذلك.
فنسأل الله تعالى القبول منَّا لهذا العمل، بحقّ مُحَمَّد وآله الأطهار (عليه وعليهم أفصل الصَّلَاة والسَّلَام)، إنَّه سميع الدُّعاء...