ربيب أمير المؤمنين (محمد بن أبي بكر)
الحمد لله الذي جعل عنوان صحائف المسلمين، حب علي بن أبي طالب أمير المؤمنين عليه السلام)، وأعد لشيعته الدرجات الرفيعة يوم الدين، وصلى الله على رسوله المصطفى الناصح الأمين، وآله الطيبين الطاهرين المعصومين، ولعنة الله على اعدائهم اجمعين من الآن الى قيام يوم الدين.
من الشخصيات التي تركت بصمة في نصرة أهل البيت (عليهم السلام)، وبقيت موالية لأمير المؤمنين (عليه السلام) حتى عده الإمام عليه السلام من ولده وربيبه فيطيب لنا أن نذكر شيئا من مواقفه، مع بيان سيرة هذا الموالي المدافع عن عترة النبي (عليه السلام) عن طريق مسيرته في حب أهل البيت.
اسمه ونسبه: هو محمّد بن أبي بكر بن أبي قُحافة، ولد في حجّة الوداع [سنة 10 ه]
أمُّه: هي أسماء بنت عميس، وكانت تحت جعفر بن أبي طالب، وهاجرت معه إلى الحبشة فولدت له عبد اللَّه بن جعفر، وقتل عنها يوم مؤتة، فتزوّجها أبو بكر فأولدها محمدًا ثمّ لمّا مات عنها تزوجها علىّ عليه السّلام، فكان محمّد ربيبه ونشأ على ولائه منذ صباه، وكان علي (عليه السّلام) يحبّه ويكرمه ويقول: محمّد ابني من ظهر أبي بكر .
أولاده: لمحمد بن ابي بكر ولد واحد وهو(القاسم بن محمد بن أبي بكر فقيه الحجاز وفاضلها، ومن ولد القاسم عبد الرحمن بن القاسم بن محمد ، كان من فضلاء قريش ويكنى أبا محمد ، ومن ولد القاسم أيضا أم فروة ، تزوجها الباقر أبو جعفر محمد بن علي ، فأولدها الصادق أبا عبد الله جعفر بن محمد (عليهما والسلام) .
نشأته وما قيل في مدحه:
نشأ في حِجر الإمام (عليه السلام) إلى جانب الحسن والحسين (عليهما السلام)، وامتزجت روحه بمعرفة أهل البيت (عليهم السلام) وحبّهم، وكان الإمام (عليه السلام) يقول أحياناً ملاطفاً له: (محمّد ابني من صُلب أبي بكر)، وكذلك قال في حقه أمير المؤمنين (عليه السلام): (فَلَقَدْ كَانَ إِلَيَّ حَبِيباً، وكَانَ لِي رَبِيباً) .
وقد قال الامام علي (عليه السلام) عنه بعد مقتله: (فعند الله نحتسبه ولدا ناصحا وعاملا كادحا وسيفا قاطعا وركنا رافعا) .
وقال عنه أيضاً: (ان حزننا عليه على قدر سرورهم به الا انهم نقصوا بغيضاً ونقصنا حبيباً). وقال أيضاً: (وانك يا محمد لنجيب اهل بيتك).
وعن الصادق (عليه السلام): (كانت النجابة (في محمد بن أبي بكر) قد أتته من قبل أمه أسماء بنت عميس لا من قبل أبيا وكه).
وقيل لعلي (عليه السلام): لقد جزعت على محمد بن أبي بكر جزعاً شديداً يا أمير المؤمنين؟ فقال: (ما يمنعني انه كان لي ربيبا وكان لبني اخنت له والداً أعده ولدا).
مقتل محمد بن أبي بكر:
في سنة ثمان وثلاثين وجه معاوية عمرو بن العاص إلى مصر في أربعة آلاف، ومعه معاوية بن خديج، وأبي الأعور السلمي، واستعمل عمراً عليها حياته ووفى له بما تقدم من ضمانه، فالتقوهم ومحمد بن أبي بكر - وكان عامل علي عليه السلام عليها - بالموضع المعروف بالمسناة ، فاقتتلوا، فانهزم محمد لإسلام أصحابه إياه وتركهم له ، وصار إلى موضع بمصر ، فاختفى فيه ، فأحيط بالدار ، فخرج إليهم محمد ومن معه من أصحابه ، فقاتلهم حتى قتل ، فأخذه معاوية بن خديج وعمرو بن العاص وغيرهما ، فجعلوه في جلد حمار وأضرموه بالنار ، وذلك بموضع في مصر يقال له : كوم شريك، وقيل : انه فعل به ذلك وبه شيء من الحياة ، وبلغ معاوية قتل محمد وأصحابه ، فأظهر الفرح والسرور. وبلغ علياً قتل محمد وسرور معاوية، فقال: جزعنا عليه على قدر سرورهم، فما جزعت على هالك منذ دخلت هذه الحروب جَزَعِي عليه، كان لي ربيباً، وكنت أعدُّه ولداً، وكان بي براً، فعلى مثل هذا نحزن، وعند الله نحتسبه .
فهذا الموالي لأهل البيت وحبيب أمير المؤمنين (عليهم السلام) الذي ضحى بنفسه في سبيل نصرة الحق، حتى عده الإمام (عليه السلام) من أولاده؛ لما رأى فيه من طيب الخلق وحسن النية في محبتهم (عليهم السلام). فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا.
والحمد لله رب العالمين.