،،،،
《الوشاح الأرضي》
يتكون كوكب الأرض مثله مثل جميع الكواكب الأرضية (terrestrial planets) مثل الزهرة، عطارد والمريخ من طبقاتٍ متعددةٍ من المركز إلى المحيط، وسبب ذلك هو غوص المواد ذات الكثافة العالية إلى المركز بتأثير الجاذبية وصعود المواد الأقل كثافةً نحو المحيط مما يفصل البطانة الأرضية إلى قطاعاتٍ على شكل دوائر تختلف عن بعضها بالحجم والمكونات والخواص الفيزيائية. سندرس في هذا المقال الوشاح الأرضي (Earth’s Mantle) وهو قسمٌ يحتوي قطاعين من القطاعات (الطبقات) المكونة لكتلة الأرض، ولكن قبل الحديث عن الوشاح سنلقي بعض الضوء على كل طبقةٍ من الطبقات المكونة للأرض.
■ما هي الطبقات المكونة للأرض
تتكون الأرض من ثلاث طبقاتٍ رئيسيةٍ اثنان من هذه الطبقات يمكن أن يقسما إلى طبقتين مما يجعل المجموع الكلي خمس طبقات وهي:
- القشرة الأرضية (The Crust): يمكن تخيُّل القشرة الأرضية كأنها قشرة تفاحة، فهي رقيقةٌ جدًا بالمقارنة مع باقي الطبقات حيث لا تتجاوز ثخانتها 8 كيلومترات عند قاع المحيطات، وتسمى القشرة المحيطية (Oceanic Crust) و25 كيلومترًا عند القارات وتسمى القشرة القاريَّة (Continental Crust). تتنوَّع درجة حرارة القشرة من درجة حرارة الهواء في القسم السطحي منها وحتى 870 درجةً مئويةً في الطبقات العميقة منها. تُقسَم القشرة الأرضية إلى صفائحَ قشريةٍ تكون طافيةً على الطبقة التالية لها (الوشاح).
- الوشاح الأرضي: تتكون هذه الطبقة من قسمين الوشاح العلوي والوشاح السفلي وسنتحدث عنهما بشكلٍ مفصَّلٍ.
- النواة (Core): وهي مركز الأرض وتقسم إلى طبقتين أحدهما تسمى النواة الخارجية (outer core) وهي عبارةٌ عن كتلةٍ من المعادن التي تكون في حالتها السائلة بسبب درجات الحرارة الهائلة لهذه الطبقة، تبعد هذه الطبقة حوالي 2900 كيلومتر عن القشرة الأرضية وتكون بسماكة 2250 كيلومتر.
أما الطبقة الأعمق فتسمى النواة الداخلية (inner core) وهي أعمق طبقة في الغلاف الأرضي حيث تبعد عن القشرة الأرضية 6500 كيلومتر وتصل درجة الحرارة فيها إلى 5000 درجة مئوية، ولكن المعادن المكوِّنة لهذه الطبقة تكون بحالتها الصلبة بسبب الضغط الهائل الذي تتعرض له.
■ الوشاح الأرضي
يعتبر الوشاح الأرضي أكثر طبقات الأرض سماكةً حيث تصل سماكته إلى 2800 كيلومتر وبالتالي يُكَوِّن 84% من حجم الكرة الأرضية.
تتنوع درجات الحرارة في الوشاح الأرضي من 1000 درجة مئوية في المنطقة الملامسة للقشرة الأرضية إلى 3700 درجة مئوية في المنطقة الملامسة للنواة.
يزداد الضغط في الوشاح الأرضي بشكلٍ كبيرٍ كلما ازداد العمق باتجاه النواة، كما تتنوع لزوجة الوشاح من منطقةٍ لأخرى، ولكنه يتكون بشكلٍ رئيسيٍّ من صخورٍ صلبةٍ تتحرك على مدى ملايين السنين مشكلةً البراكين والزلازل وغيرها من الظواهر الطبيعية.
يقسم الوشاح إلى طبقتين بينهما منطقة انتقالية:
- الوشاح الأرضي العلوي(Upper Mantle): يمتد هذا الوشاح من القشرة الأرضية إلى عمق حوالي 410 كيلومتر ويتكون بشكلٍ أعظميٍّ من موادٍ صلبةٍ، والقسم الباقي منه يكون مرنًا إلى حدٍّ ما ليساهم في حركة الطبقات التكتونية فوقه مسببًا الصدوع والشقوق في القشرة الأرضية، وفي بعض المناطق البراكين والزلازل.
- المنطقة الانتقالية (Transition Zone): وهي منطقةٌ مهمةٌ جدًا في الحفاظ على التوازن في طبقات الأرض. تقع هذه الطبقة على عمق من 410 إلى 660 كيلومتر من القشرة الأرضية، وظيفته الأساسية هي منع الانتقال السريع للصخور المكونة للوشاح العلوي إلى الوشاح السفلي. تتبدل طبيعة الصخور في هذه المنطقة حيث تصبح كثيفةً جدًا. من أهم ميزات هذه الطبقة أنها تمتلك كريستالات ناتجة عن تحول طبيعة الصخور، وتحتوي هذه الكريستالات على كميةٍ من الماء أكبر من المياه الموجودة في جميع المحيطات مجتمعًة، ولكن هذه المياه لا تكون في حالةٍ فيزيائيةٍ كما نعرفها كالسائل، الصلب أو حتى البخار، وإنما تكون في حالتها الأيونية المتشردة على شكل أيونات هيدروكسيد وسبب ذلك هو الضغط والحرارة الشديدين في هذه المنطقة.
- الوشاح السفلي (Lower Mantle): يمتد الوشاح السفلي من عمق 660 إلى 2700 كيلومتر تحت القشرة الأرضية، ويكون أقل لدونة (ductile) من الوشاح العلوي والمنطقة الانتقالية، ولكن اختلف العلماء حول طبيعة الصخور والمعادن الموجودة في هذا الوشاح حيث يعتقد البعض أنه في حالةٍ لينةٍ نسبيًا بسبب الحرارة العالية بينما يعتقد البعض الآخر أنه شبه صلب ولا يتحرك بسبب الضغط الشديد الذي يتعرض له. يتكون الوشاح من مجموعةٍ من العناصر من المعادن وغيرها حيث يتكون من 44.8% من الأكسجين، 21.5% سيليكون، 22.8% مغنيزيوم والكثير من العناصر الأخرى مثل الحديد، الألمنيوم، الصوديوم، الكالسيوم والبوتاسيوم.
،،،،